‫‫‫‏‫3 أسابيع مضت‬

مؤتمر تاريخي للنساء السريانيات لنيل الحقوق والاعتراف

بيث نهرين — في بادرة غير مسبوقة من الوحدة العابرة للحدود، اجتمعت مئات النساء السريانيات (الكلدانيات-الآشوريات-الآراميات) في آن واحد يوم السبت، في ألمانيا وسوريا والعراق، لإطلاق مؤتمر المرأة السوريتو، وهو منتدى عالمي يهدف لاستعادة الأدوار التاريخية للمرأة، والنهوض بحقوقها في مختلف المجتمعات. تحت شعار “حان الوقت للمرأة السريانية لاستعادة دورها التاريخي… مستمدة قوتها من إرث شاميرام وزنوبيا وعشتار”، ووجّه المؤتمر نداءً قويًا من أجل الهوية والمساواة بين الجنسين والصوت السياسي، في ظل التحولات الإقليمية العميقة.

نُظِّمَ المؤتمر من قبل اتحاد نساء بيث نهرين (HNB)، في بولهايم (ألمانيا)، وزالين/القامشلي (سوريا)، وعنكاوا (العراق)، جامعًا أصواتًا من مختلف الأحزاب والطوائف الدينية والمؤسسات المدنية والمجتمعات في دول الاغتراب، ومن خلال منتديات إقليمية أدارتها قيادات نسائية من منظمات سياسية ودينية ومنظمات مجتمع مدني، أبرز المؤتمر تزايد الحاجة إلى تمثيل النساء، والحفاظ على التراث الثقافي، وتعزيز القوة الجماعية للنساء السريانيات اللواتي لطالما هُمّشْنَ في مجتمعاتهن.

البيان الختامي لمؤتمر المرأة السوريتو

اختُتِمَ مؤتمر المرأة السوريتو ببيان ختامي، جاء فيه:

إيمانًا منا بأن مستقبل أمتنا مرهون بتحرّر المرأة وتنظيمها، انعقد مؤتمر “السوريتو” العالمي للمرأة بتاربخ 12 تموز 2025 تحت شعار [ لامساواة بدون العدالة ولا عدالة بدون المرأة]، في أماكن متعددة من وطننا (سوريا ،العراق ،لبنان ،طور عابدين ،أورميا) وفي دول المهجر، بمشاركة أكثر من 550 امرأة، ممثلات عن تنظيمات نسوية سياسية واجتماعية ومؤسسات مدنية ودينية وعسكرية وحركات شبابية، وناشطات مستقلات من مختلف تسميات شعبنا (سريانية-آشورية-كلدانية-ملكية-مارونية)
هذا المؤتمر لم يكن مجرد فعالية، بل صرخة نسوية قوية تعبّر عن وجع الماضي وحقيقة الحاضر وحلم المستقبل، ويمثّل بداية مرحلة جديدة من العمل المشترك، في ظل ما يشهده وطننا من تحديات مصيرية تهدد الهوية والوجود. والدور السياسي والديني والاجتماعي للمرأة في ظل استمرار العنف والإقصاء والتهجير، ويعد هذا المؤتمر منصة نسوية تمثل صوت المرأة السوريتو في العالم، والذي جاء نتيجة الشعور العميق بالمسؤولية التاريخية والايمان الراسخ، بأن امراة شعبنا ليست فقط شريكة في النضال، بل هي نواته ومحوره، فهي التي حافظت على اللغة، ربّت الأجيال ووقفت في وجه المحو الثقافي والإبادة الجسدية والروحية من السيفو إلى داعش، ومن الهجرة القسرية إلى العبودية المعاصرة. وهو أيضاً استعادة لدور المرأة في النضال السياسي والاجتماعي والديني والثقافي والحضاري.
ففي لحظةٍ فارقة من التاريخ، وعلى أرض المعاناة والصمود، التأم شمل نساء شعبنا السرياني (الآشوري-الكلداني) من مختلف أرجاء العالم، في مؤتمر يُعقد للمرّة الأولى في تاريخ شعبنا، فهو ليس مجرد لقاء، بل خطوة تاريخية غير مسبوقة، كُسر فيها حاجز الصمت.

لقد شكّل هذا المؤتمر نقطة تحوّل ومحطة وعي جماعي، أعادت طرح قضايا شعبنا الجوهرية، وفتحت النقاشات العميقة حول واقع المرأة والهوية، والإقصاء والنضال، والتهميش والمقاومة، والغياب والعودة.
مؤتمر سوريتو ليس نهاية بل بداية — بداية ربيع جديد تُنبت فيه الكلمة الحرة، وتنطلق فيه إرادة التغيير من قلب المعاناة.
إنه صوت المستقبل وصرخة الذاكرة، وإعلان واضح بأن لا خلاص بدون مشاركة المرأة، ولا بقاء بدون توحيد الجهود، ولا عدالة بدون الاعتراف بمعاناة هذا الشعب وحقوقه الأصيلة.
ندرك تمامًا أن الطريق طويل، لكن هذه اللحظة التي جمعتنا اليوم، هي بذرة ستنمو، وشرارة ستتّقد، وأفق لن نسمح له أن يُغلق.
وعليه، يخرج مؤتمر المرأة السوريتو العالمي بجملة من المخرجات والمطالب، نضعها أمام شعبنا والرأي العام والمؤسسات المحلية والدولية، إيمانًا منّا بأن ما بدأناه اليوم يجب أن يستمر ويتعمّق ويتحوّل إلى برنامج نضال شامل مستدام.

1. تأسيس هيئة نسوية موحدة تضم تنظيمات ومؤسسات نسوية وشخصيات مستقلة تحت اسم
(ائتلاف اثتو سوريتو العالمي)، هدفها التنسيق والعمل المشترك في كل المجالات.

2. إطلاق حملة عالمية للدفاع عن المرأة السوربتو في مناطق النزاع، ضد العنف والاغتصاب والتهميش، والعمل على محاسبة الجهات المرتكبة لهذه الانتهاكات وتوثيفها قانونيا.

3. تعزيز دور المرأة في الحفاظ على اللغة الأم لشعبنا ونقلها للأجيال، باعتبارها محورًا للهوية والانتماء القومي، ودعم مبادرات الإنتاج الثفافي (كتب، أفلام، معارض،مهرجانات وغيرها).

4-إعلان الرفض التام للذهنية الذكورية والمنظومة البطرياركية والوصاية الحزبية بأشكالها التقليدية والمقنّعة على المرأة، وأن الإرادة يجب أن تكون بيد المرأة نفسها، حرة، واعية، مستقلة، وصانعة للمستقبل، وأن تحقيق المساواة الكاملة ليس مطلبًا، بل موقفاً ثورياً وأساساً لبناء مجتمع حرّ عادل تعددي، تكون فيه المرأة شريكة حقيقية.

5-نطالب كل الجهات الرسمية والسياسية بالاعتراف الكامل بإرادة شعبنا والمرأة، وضمان مشاركتهم الحقيقية والمؤثرة في كل قرار يحدد مستقبلهم، ورفض كل أشكال الإقصاء والتهميش والوصاية التي تُفرض علينا، ونعلنها معركة مستمرة ضد كل من يحاول تهميش صوتنا، أو إلغاء حقنا، إذ أن إرادتنا ليست للتفاوض أو المساومة، بل هي سلاحنا في مقاومة الظلم وبوابة حريتنا الحقيقية.

6-نطالب الدول الكبرى والمنظمات الدولية والإقليمية بتحمّل مسؤولياتها الأخلاقية تجاه شعبنا السرياني (الآشوري-الكلداني) الذي عانى التهجير والاضطهاد والتمييز لعقود طويلة في أرضه التاريخية، إذ أن الصمت الدولي تجاه معاناة هذا الشعب والتهميش، يُهدد وجودنا الحضاري والإنساني، ويتوجب على المجتمع الدولي توفير الحماية لوجودنا ودعم حقوقنا القومية والثقافية والسياسية وضمان بقائنا الآمن في أرضنا ووطننا كشعب أصيل، ساهم في بناء الحضارة الإنسانية.

7-نُطالب جميع الكنائس والأحزاب السياسية والمؤسسات الاجتماعية لشعبنا، بتحمّل مسؤولياتها التاريخية وتوحيد أهدافها ورؤاها ومطالبها ضمن قيادة وإدارة منظمة و موحّدة، تعكس صوتًا واحدًا مدافعًا عن حقوق شعبنا والعمل المشترك على أساس المصلحة العليا له.

8- تأسيس مراكز تعليم وتأهيل نسوية في الوطن والمهجر تهتم بالتنشئة الواعية، التدريب، ودعم المرأة سياسيًا واجتماعياً وثقافيًا.

9. مناهضة “الحرب البيضاء” في المهجر التي تُمارَس ضد النساء، تحت شعارات زائفة كالتحرّر الفردي، وفضح نماذج الاستعباد الحديثة التي تُغلف بعناوين براقة.

10. تجديد الدعوة لتوثيق الذاكرة لامرأة شعبنا، عبر إنشاء أرشيف رقمي وشهادات حية عن دور المرأة في الحروب، المقاومة، التعليم، الكنيسة والنضال السياسي.

11- تأكيد الدور الإيماني والروحي للمرأة المسيحية كحاملة للرسالة في بيتها ومجتمعها، وإبراز رموز نسائية مسيحية من تاريخ الكنيسة والشهيدات والقديسات، لتكون نماذج ملهمة للمرأة في نضالها الروحي والقومي.

12- المطالبة بتحديث خطاب الكنيسة تجاه قضايا المرأة ومناهضة أي شكل من أشكال التمييز وتعزيز قيم المساواة والمحبة التي علّم بها السيد المسيح، و تمثيلها العادل في الشأن الكنسي العام، بما يشمل حضورها الفعّال في المؤتمرات الكنسية والمجالس الرعوية وصنع القرار الروحي والاجتماعي.

13- الدعوة إلى تخصيص برامج رعوية خاصة بالمرأة في الكنائس والمؤسسات الكنسية، لتطوير وعيها الروحي والاجتماعي والقومي وواجبها في الدفاع عن كنيستها وشعبها في أزمنة الاضطهاد، كما فعلت نساء مؤمنات عظيمات في تاريخنا.

14إنشاء برامج دعم مستدامة تُعنى بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتأمين التدريب المهني والمهارات الإدارية والمالية، وتوفير فرص عمل حقيقية لامرأة شعبنا دعماً لتمكينها واستقلالها اقتصادياً.

15-تطوير خطة عمل للوصول إلى المنظمات الدولية المعنية بحقوق المرأة والشعوب الأصلية من أجل كسب الدعم والمناصرة.

16- تأكيدًا على حق امرأة شعبنا في الدفاع عن الذات والوجود، واعترافًا بدورها الريادي في خوض المعارك من أجل الحرية والكرامة وتعزيز مشاركة المرأة السوريتو في الأطر الأمنية والعسكرية والدفاع الذاتي، واعتبار هذه المشاركة جزءًا جوهريًا من نضال شعبنا ضد الإبادة والتهميش، و توثيق التجربة الفريدة لامرأة شعبنا المقاتلة ودعمها وتطوير برامج تأهيل وإدماج تضمن استدامة دورها في حماية المجتمع.
17- الوقوف بوجه جميع أشكال خطاب الكراهية والتحريض والتمييز ضد المكونات القومية في منطقتنا، والعمل على فضح مروّجي هذا الخطاب ومساءلتهم قانونياً ومجتمعياً.

18-نشر الوعي المجتمعي والرسمي حول الآثار الكارثية للهجرة والتهجير القسري على وجود واستمرارية مكونات شعبنا في موطنها التاريخي، ورصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بهذه الظواهر، والعمل على معالجتها.

19-توحيد مطالبنا في إطار حقوقي وتشريعي للدفاع عن حقوق المرأة، والعمل على سن قوانين تضمن مشاركتها الفاعلة في الحياة السياسية، وزيادة تمثيلها في مواقع صنع القرار، بما يعزز العدالة الجندرية ويخدم قضايا المجتمع.

الخاتمة:
إن المرأة السوربتو ليست تابعة بل قائدة مُلهمة، ومؤسسة للهوية والبقاء.
كما كانت شاميرام في القيادة وإنانا في الخلق وزنوبيا في المواجهة وتيودورة في الإيمان والحكمة، ستكون “السوريتو” اليوم نبض هذا الشعب وروحه الحيّة.
نعم، سنعيد بناء بيث نهرين الحرة بقيادة النساء.
نعم، سنواجه كل محاولات الإبادة والاغتراب بتضامننا وتنظيمنا.
نعم. سننتصر.
لن نُسكت بعد الآن.
لن نُقصى بعد الآن.
نحن نساء سوريتو نساء الإيمان والحرية.
نحن نساء بيث نهرين، الأرض، الكنيسة، واللغة.
وسنقود معًا طريق الكرامة والبقاء.

**تحيا المرأة السوريتو حرةً وقائدة**

2025/7/12

‫شاهد أيضًا‬

منظمة بيث نهرين للمرأة تستذكر الإبادة الجماعية بحق الإيزيديين

بيث نهرين ─ تتواصل الاستذكارات والإدانات المحلية والدولية للمجزرة المروعة التي تعرض لها ال…