مقتل أكثر من 80 شخصاً مع تصاعد العنف الطائفي في السويداء واندلاع مواجهات بين قوات الحكومة السورية والإسرائيليين
السويداء، سوريا — تحوّلت سلسلة من عمليات الخطف المتبادل إلى واحدة من أعنف موجات العنف في جنوب سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد، حيث قُتل ما لا يقل عن 80 شخصاً وأُصيب العشرات، مع اندلاع اشتباكات عنيفة بين فصائل درزية ومسلحين من العشائر وقوات الأمن التابعة للحكومة السورية في مدينة السويداء ومحيطها.
وقد مزّق العنف السلام الهشّ في المحافظة، ودفع إلى تدخل نادر من سلاح الجو الإسرائيلي الذي نفّذ ضربات ضد مواقع للجيش السوري، في سابقة لافتة مرتبطة باضطرابات داخلية.
ووفقاً لوزارة الداخلية السورية، فإن عدد القتلى شمل ستة عناصر من جهاز الأمن العام قُتلوا في كمين، وهي الحادثة التي عجّلت بانخراط كامل لقوات النظام في المعارك. في المقابل، أفادت مصادر مستقلة أن عدد الضحايا ارتفع إلى 89 قتيلاً، بينهم أطفال ومسنّون.
واندلعت شرارة الأحداث مطلع الأسبوع الجاري، عندما تعرّض تاجر درزي لكمين على طريق دمشق–السويداء، حيث تمّ ضربه وسلب ممتلكاته على يد مسلحين من العشائر، ثم أُطلق سراحه في منطقة نائية وهو في حالة صحية حرجة. ورداً على ذلك، قامت مجموعات درزية باختطاف عدد من أبناء العشائر، ما أشعل ردود فعل متبادلة تضمنت إقامة حواجز في أحياء شرقية من المدينة، وهجمات مضادة.
بحلول مساء الأحد، تحوّل حي المقوس إلى ساحة قتال مفتوحة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنيفة وقصف مدفعي أجبر مئات العائلات على النزوح، لا سيما من قرية الطيرة باتجاه بلدتي المزرعة ومدينة السويداء.
ومع تصاعد المعارك، علّقت وزارة التربية الامتحانات النهائية للمرحلة الثانوية إلى أجل غير مسمى، وأُغلقت المدارس والدوائر الرسمية.
في تطور غير مسبوق، انخرط جهاز الأمن العام — وهو عادة مكلّف بجمع المعلومات وحفظ النظام — بشكل مباشر في القتال، بعد مقتل عناصره الستة في الكمين. وبدأت وزارة الداخلية بنشر وحدات مدرعة لاستعادة السيطرة، في تصعيد غير مسبوق في تعاطي النظام مع الاحتجاجات الداخلية.
من جهته، أدان الشيخ حكمت الهجري، المرجعية الروحية العليا لطائفة الموحدين الدروز في المحافظة، ما وصفه بـ”خيانة الدولة لأبناء السويداء”، واتهم الحكومة بـ”الوقوف إلى جانب ميليشيات تكفيرية” بدل حماية المدنيين، داعياً المجتمع الدولي إلى “التدخل العاجل قبل انزلاق السويداء نحو الهاوية”.
في موازاة ذلك، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي، يوم الأحد، غارات جوية استهدفت دبابات ووحدات مدفعية سورية كانت تعمل في محيط السويداء. ولم تصدر وزارة الدفاع الإسرائيلية بياناً رسمياً، لكن وسائل إعلام عبرية أشارت إلى أن الغارات جاءت لحماية التجمعات الدرزية في سوريا، وهو ملف يحظى بحساسية خاصة في السياسة الداخلية الإسرائيلية نظراً لوجود طائفة درزية في إسرائيل.
وأكدت وكالة “أسوشييتد برس” وقوع الغارات، وأفادت بتدمير مواقع متعددة للجيش السوري.
على الصعيد الدولي، دعت “نجاة رشدي”، نائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، إلى التهدئة وفتح ممرات إنسانية. وقالت في بيان: “نشعر بقلق بالغ إزاء حجم العنف وتعدد الأطراف المتورطة، بما في ذلك قوى أجنبية.”
The United Nations Deputy Special Envoy for Syria, Ms. Najat Rochdi, expresses deep concern over reports of violence and abductions in Sweida, which have resulted in significant casualties.
— UN Special Envoy for Syria (@UNEnvoySyria) July 14, 2025
ورغم عدم مشاركتهما بشكل مباشر، أصدرت كل من الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا ومجلس سوريا الديمقراطية بيانات تعبر عن قلق بالغ حيال تصاعد العنف. وأكدت على ضرورة “إيجاد إطار وطني جديد يحترم الحكم المحلي ويحمي المدنيين من التلاعب الطائفي”، بينما أدان مجلس سوريا الديمقراطية “السياسات الطائفية”، داعياً جميع المكونات إلى “رفض الانجرار إلى دوامة الدم والانتقام”.
وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، استمرت المعارك بالاشتعال على أربعة محاور رئيسية: الثعلة، حزم، كناكر، وتعارة. وأفادت مصادر ميدانية بوقوع قصف عنيف استهدف قرى الريف الغربي للسويداء، من قبل وحدات تابعة لجهاز الأمن العام بالتنسيق مع ميليشيات من شرق محافظة درعا.
نشرت وزارة الدفاع السورية تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المنطقة، شملت دبابات، راجمات صواريخ، وطائرات مسيّرة. وأظهرت صور ومقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مشاركة مباشرة لقوات النظام في هجوم وصفه ناشطون بـ”الهمجي” على القرى الريفية.
وفي تطور مأساوي، أفادت مصادر محلية أن قرية الدور فُرغت تماماً من سكانها بعد دخول قوات الحكومة السورية إليها وفرض السيطرة عليها. وأكدت تقارير ميدانية وقوع موجات نزوح كبيرة، مع استمرار استخدام الأسلحة الثقيلة.
وبالرغم من تطمينات الحكومة، تبقى الأوضاع في السويداء على شفا الانفجار. العائلات تفر، والميليشيات تتأهب، والخطر يلوح بالامتداد إلى مناطق أخرى في الجنوب السوري.
ومع تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق رؤوس الأهالي، وزحف القوات السورية على الأرض، قد تكون السويداء على أبواب مواجهة واسعة النطاق — مواجهة تختبر ما تبقى من مؤسسات الدولة السورية.
فيما ترتفع الأصوات المطالبة بالحماية الدولية وفتح تحقيقات مستقلة، يواصل العالم المتابعة بقلق، مدركاً أن السويداء قد تصبح البؤرة التالية في مأساة سوريا المستمرة.
قسد تتصدى لهجوم في ريف ديرو زعورو وتتهم دمشق بالتصعيد
ديرو زعورو (دير الزور), شمال وشرق سوريا – في أحدث فصول التوتر المستمر بين قوات سوريا الديم…