تصاعد التوتر في السويداء رغم الهدنة… والبطريركات تناشد من أجل السلام
السويداء، سوريا_ بعد أسبوع دامٍ من العنف الطائفي بين ميليشيات درزية وقوات سنية بدوية، تبدو محافظة السويداء اليوم تتأرجح على خيط رفيع من الهدوء، في ظل هدنة توسطت فيها الولايات المتحدة. إلا أن البطاركة المحليين يحذرون من أن هذا السلام الهش قد ينهار ما لم يُعاد فرض العدالة والحماية والوحدة سريعًا.
ففي العشرين من شهر تموز، أعلنت السلطات السورية انسحاب المقاتلين البدو من مدينة السويداء بموجب اتفاق رعاه الرئيس أحمد الشرع، واضعًا حدًا لأسابيع من القتال الدموي الذي أدى إلى نزوح عشرات الآلاف وأرهق المستشفيات المحلية. وكانت الاشتباكات قد اندلعت في الثالث عشر من تموز عقب خطف سائق شاحنة درزي، ما أشعل دوامة من الانتقام والتصعيد شارك فيها الجيش الحكومي وميليشيات محلية. وقد لعب السفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توماس باراك، إضافة إلى جهات إقليمية مثل الأردن وتركيا وإسرائيل، أدوارًا رئيسية في التوسط لوقف إطلاق النار.
ورغم إعلان الهدنة، ما تزال نيران المدفعية والرشاشات تُسمع بين الحين والآخر، مع تسجيل أكثر من ألف قتيل بين مدني ومقاتل. وقد شنت إسرائيل غارات جوية على دارمسوق(دمشق) والسويداء، مبررة ذلك بـ”حماية المجتمعات الدرزية”، ما دفع دمشق إلى اتهام القوى الأجنبية بتأجيج الصراع وزعزعة الاستقرار.
مناشدات البطاركة للضمير الإنساني
وسط هذه الفوضى، أطلق قادة مسيحيون مناشدات عاجلة. فقد أدان بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس، يوحنا العاشر، ما وصفه بـ”العار على الإنسانية”، مُعربًا عن تضامنه مع المطران أنطونيوس سعد والمجتمع المسيحي المحلي، ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى “التحرك الفوري لوقف هذه المجازر التي تستهدف التعايش المشترك بين مكونات الوطن”.
من جهته، ندد كل من الكنيسة اللاتينية والنائب الرسولي لحولب(حلب)، المطران حنا جلوف، باستهداف العائلات المسيحية، مشيرين إلى مقتل القس خالد مزهري — وهو راعٍ درزي تحول إلى المسيحية — مع عائلته بأكملها. وطالب بيانهما المشترك القوى العالمية بربط أي دعم يُقدم للحكومة السورية المركزية المنهكة، بضمان حماية الأقليات من دروز وعلويين
ومسيحيين.
وعلى الأرض، فرّ نحو تسعون مسيحيًا من قراهم القريبة من السويداء، ملتجئين إلى الكنائس والملاجئ مع بدء وصول قوافل المساعدات بدعم أميركي. ووصف الأب طوني أوضاع النازحين بقوله: “يصلون دون أي شيء… لا ملابس ولا طعام”، مضيفًا: “نصلي كي يحل السلام، وينتهي هذا القتال في الشوارع”.
حسابات دبلوماسية ومصير معلق
وصف الرئيس أحمد الشرع — المعارض الإسلامي السابق الذي يقود حاليًا المرحلة الانتقالية — هذه الأحداث بأنها “اختبار لوحدة سوريا”، داعيًا إلى وساطة “عربية وأميركية” لضمان وقف نهائي للقتال. وقد حضّ كل من السفير باراك ووزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، القادة السوريين والدروز على منع المجازر، ومحاسبة مجرمي الحرب، وحماية وحدة سوريا.
الغارات الإسرائيلية، التي بررت بأنها لحماية الدروز، أثارت قلق دمشق، وزادت المخاوف من تدخلات خارجية. في الوقت نفسه، يواصل الشيوخ البدو والمشايخ الدروز الضغط من أجل ضمانات إقليمية، بينما لا يزال المقاتلون البدو يتمركزون على أطراف السويداء بانتظار تنفيذ تبادل الأسرى والمصالحة الرسمية.
وبحذر رجال الدين المسيحيون والدروز من أن العنف قد يتجدد ما لم يتم التوصل إلى انتقال حقيقي يركز على العدالة، والحوار، ووضع قانوني محمي للأقليات، وحوكمة شاملة.
ومع وقوف السويداء على مفترق طرق، فإن مصيرها ربما يتوقف على ما إذا كان هذا الهدوء المؤقت سيتحول إلى سلام دائم — سلام تدعمه مؤسسات قوية، وحقوق مصونة للأقليات، ومحاسبة حقيقية للجناة
الكونغرس يصادق على مشروع قانون لتعديل بنود عقوبات قيصر
واشنطن — صادقت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون جديد لتعديل بن…