هل تغيّرت المبادئ أم تبدّلت الحسابات؟
بقلم: بسام إسحاق | رئيس المجلس الوطني السرياني في سوريا، وعضو الهيئة الرئاسية لمجلس سوريا الديمقراطية – ممثل المجلس في العاصمة الأميركية واشنطن
من يتابع التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأميركيين، يلاحظ بوضوح أن واشنطن باتت تدعم الرئيس الانتقالي في سوريا، أحمد الشرع، وتؤيد سعيه نحو “مركز سلطة قوي”. والسؤال هنا: لماذا هذا الدعم؟ وهل تغيّرت المبادئ أم تبدّلت الحسابات؟
برأيي، هذا الدعم ليس تفويضًا مفتوحًا ولا انقلابًا في المبادئ الأميركية، بل هو قرار براغماتي بحت. واشنطن، خاصة في عهد الرئيس ترامب، لا تبحث عن ملائكة، بل عن شركاء يمكن الاعتماد عليهم ميدانيًا: شركاء قادرين على ضبط الأرض، تقليص النفوذ الإيراني، منع عودة الفوضى، والتفاهم أمنيًا مع إسرائيل.
الشرع، رغم ماضيه المعروف، يقدّم نفسه اليوم على أنه الرجل الذي يملك مفاتيح القوة على الأرض: لديه أجهزة أمنية فاعلة، يمسك بمفاصل القرار، يحاور خصومه، ويتواصل مع الجوار. هذا يجعله خيارًا عمليًا بالنسبة للأميركيين. لكن دعم واشنطن لا يعني شيكًا على بياض. الأميركيون لا يريدون نسخة معدّلة من النظام الذي خبرناه جميعًا. يريدون مركزًا قويًا نعم، لكن ليس مركزًا يستنسخ عقلية الإقصاء واحتكار السلطة.
الأميركيون يدركون أن الشرعية الحقيقية في سوريا لن تأتي من الخارج، بل من الداخل. لذلك هم يراقبون عن قرب ردود أفعال السوريين تجاه النظام الجديد، ويقيّمون قدرة الرئيس الشرع على إدارة التنوع السوري بنجاح وبسط الاستقرار برضا الناس، لا بالخوف منهم. فالنظام القائم على منطق فرض السيطرة بقوة السلاح وحدها يقود بلاده في النهاية إلى الانفجار.

السؤال اليوم أمام الرئيس الشرع هو: هل سيفتح صفحة جديدة في إدارة الدولة تقوم على الشراكة الوطنية واحترام التنوع، كما نصحه المبعوث الأميركي توم باراك؟ أم أننا أمام إعادة إنتاج نظام سقط سابقًا لأنه لم يعرف إلا لغة القوة والإقصاء؟
الجواب ليس عند واشنطن ولا موسكو. الجواب في سلوك السلطة على الأرض، وفي قدرتها على كسب ثقة السوريين. إذا نجح الشرع في ذلك، يمكن للمركز القوي أن يتحول إلى ضمانة للاستقرار وبداية عبور نحو دولة المواطنة. أما إذا بقيت العقلية القديمة مسيطرة، فإن أي دعم خارجي، مهما كان، لن يحمي سوريا من دوامة جديدة من الانقسامات والأزمات.
بصراحة، ما حصل في الساحل السوري في آذار الماضي، وما جرى في السويداء مؤخرًا، وطريقة التعاطي مع قوات سوريا الديمقراطية، لا توحي حتى الآن بأننا أمام تغيير عميق في الذهنية السياسية. لكنها لحظة ما زال يمكن استدراكها قبل فوات الأوان.
تنويه: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب, و لا تعكس بالضرورة السياسة الرسمية لموقع SyriacPress أو موقفه اتجاه أي من الأفكار المطروحة.
مؤتمر الحسكة… منبر للحوار أم ساحة صراع على الشرعية؟
بقلم: بسام إسحاق | رئيس المجلس الوطني السرياني السوري، وعضو الهيئة الرئاسية لمجلس سوريا ال…