‫‫‫‏‫4 أسابيع مضت‬

قادة الكنائس يدينون هجوم المستوطنين على آخر بلدة مسيحية في الضفة الغربية

الطيبة، الأراضي المقدسة أثار الهجوم العنيف الذي استهدف بلدة الطيبة المسيحية، خلال ساعات الليل، موجة استنكار شديدة من قبل بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، الذين اعتبروا أن ما حدث يُعد تصعيداً خطيراً في أعمال العنف التي يشنها المستوطنون ضد المجتمعات المسيحية في الضفة الغربية.

وفي بيان صدر الثلاثاء من القدس، أعرب القادة الكنسيون عن “قلقهم العميق وإدانتهم الشديدة” للهجوم الذي أسفر عن إحراق عدة سيارات وكتابة عبارات عنصرية على جدران البلدة التاريخية الواقعة شمال شرق رام الله.

البيان، الذي وقّعه رؤساء طوائف مسيحية بارزة في الأراضي المقدسة، شدد على أن الهجوم ليس بحادثة منفردة، بل يندرج ضمن “نمط مقلق من العنف المتكرر” الذي تمارسه مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين ضد بلدات الضفة. واتهم البيان السلطات الإسرائيلية بالتقاعس عن حماية الأقليات الدينية، محذرين من أن “مناخ الإفلات من العقاب” السائد يهدد سيادة القانون ويقوّض فرص التعايش السلمي في الأرض التي شهدت قيامة المسيح.

وبحسب شهود عيان والسلطة الفلسطينية، اقتحم مستوطنون البلدة بعد منتصف ليل الأحد، وهاجموا منازل بالحجارة، وحاولوا إحراق أحدها، كما ألحقوا أضراراً بعدة ممتلكات وكتبوا عبارات تهديدية بالعبرية. وأُحرقت ثلاث سيارات، من بينها سيارة صحفي محلي وأخرى لعضو في مجلس البلدية.

أحد السكان قال لوكالة فرانس برس إنه استيقظ ليجد سيارته مشتعلة، فيما كان المعتدون يقذفون منزله بأشياء صلبة. ووصلت القوات الإسرائيلية بعد أكثر من ساعة، دون أن يتم حتى الآن توقيف أي من الجناة.

وأشار البطاركة في بيانهم إلى أن الهجوم استهدف “مجتمعاً مسالماً وراسخ الجذور في أرض المسيح”، لافتين إلى أن ألسنة اللهب كادت تصل إلى جدران كنيسة الطيبة التاريخية، التي تُعد رمزاً يجسد تواجد المسيحيين في المنطقة.

وانتقد البيان تعامل الشرطة الإسرائيلية مع الحادث، واصفاً إياه بالتقليل من خطورته وحصره في مجرد “أضرار مادية”، مع تجاهل السياق الأكبر المتمثل في “الترهيب المنهجي والانتهاكات المتكررة”. كما ندد القادة الدينيون بحملة “تضليل ممنهجة” من قبل مجموعات موالية للمستوطنين، تهدف إلى تشويه صورة الضحايا والتقليل من شأن التضامن الدولي، بما في ذلك الزيارات الدبلوماسية الأخيرة للبلدة.

وأكدوا أن مثل هذه الحملات تهدف إلى “صرف الأنظار وتبرئة الفاعلين من أفعال تخرق القوانين والأعراف الدولية”.

وشهدت بلدة الطيبة خلال الأشهر الأخيرة عدة اعتداءات من قبل المستوطنين، من ضمنها حرق أراضٍ زراعية، واقتلاع أشجار الزيتون، ومحاولات الاستيلاء على أراضٍ تابعة للكنيسة، وغيرها من الأساليب التي تهدف إلى إخافة السكان. وتُعد الطيبة واحدة من آخر البلدات ذات الطابع المسيحي الخالص في الضفة، ويقطنها أبناء من الطوائف الأرثوذكسية والملكية والكاثوليكية، وتتمتع بتاريخ ديني عريق، كما يحمل العديد من سكانها الجنسية الأمريكية.

ويأتي هذا الهجوم بعد أيام فقط من زيارة السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إلى بلدة الطيبة في 19 تموز، عقب سلسلة من الاعتداءات السابقة. وعلى الرغم من دعوات هاكابي العلنية إلى محاسبة المعتدين، أشار قادة الكنائس إلى أن هذه المطالب لم تُترجم إلى أفعال ملموسة.

ودعا القادة الدينيون الحكومة الإسرائيلية إلى التحرك “بوضوح أخلاقي والتزام فعلي”، من خلال محاسبة المعتدين، وضمان حماية المجتمعات الضعيفة، واحترام القانون الدولي الذي ينص على المساواة بين الجميع.

كما أعربوا عن امتنانهم للبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية التي أعربت عن تضامنها مع أهالي الطيبة، إلا أنهم أكدوا أن التضامن لا يكفي وحده، بل يجب أن يرافقه تحرك فعلي.

وختم البيان بالقول: “الاعتداءات مستمرة – ويجب أن نستمر نحن أيضاً في يقظتنا وصلاتنا من أجل سلام عادل قائم على الحق”.

وفي ظل استمرار التهديدات، بعثت القيادة المسيحية في الأراضي المقدسة برسالة واضحة: الصمت لم يعد خياراً. 

‫شاهد أيضًا‬

إسرائيل تجمّد حسابات البطريركية الأرثوذكسية في أورشليم (القدس)… والكنائس في حالة استنفار

أورشليم (القدس)، الأراضي المقدسة – أثار قرار السلطات الإسرائيلية تجميد الحسابات البنكية لل…