دعوة عربية غير مسبوقة لنزع سلاح حماس وسط تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل
نيويورك، الأراضي المقدسة — في تحول لافت في مواقف الدول العربية والإسلامية، أصدرت 22 دولة عربية وإسلامية، بينها قطر والمملكة العربية السعودية ومصر، وللمرة الأولى، دعوة مشتركة تطالب حركة حماس بنزع سلاحها، والتخلي عن السلطة في قطاع غزة، وذلك في إطار الجهود الدولية الرامية لإنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة 22 شهراً في القطاع المنكوب.
وجاء هذا الموقف ضمن إعلان سياسي مشترك، وُقّع في مؤتمر دولي استضافته السعودية وفرنسا، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، الثلاثاء. وقد أيدت الإعلانَ جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي و17 دولة أخرى، في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة من قبل باريس.
وورد في نص الإعلان، أن “الحوكمة وإنفاذ القانون والأمن في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية، يجب أن تكون حصراً من مسؤولية السلطة الفلسطينية، وبدعم دولي مناسب”. وأضاف: “في سياق إنهاء الحرب في غزة، يجب على حماس إنهاء حكمها في غزة وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية، بمشاركة ودعم دوليين، بما يتماشى مع هدف إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة”.
كما أدانت الوثيقة هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023، واقترحت إرسال “بعثة استقرار دولية مؤقتة” تحت رعاية الأمم المتحدة وبطلب من السلطة الفلسطينية. وأشارت إلى “الاستعداد الذي أبدته بعض الدول للمساهمة بقوات” في هذه المهمة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إن إعلان السعودية ودول عربية أخرى إدانتها للإرهاب، ودعوتها لنزع سلاح حماس، “يشكل لحظة دبلوماسية نادرة”، مضيفًا أن هذه الدول “أبدت أيضًا استعدادها للتطبيع مع إسرائيل في الوقت المناسب”.
ضغط غربي متزايد واعترافات بدولة فلسطين
في موازاة هذه المبادرات، تتزايد الضغوط الغربية على إسرائيل. فقد أعلنت فرنسا عزمها التصويت لصالح الاعتراف بدولة فلسطينية في أيلول المقبل، تلتها بريطانيا ثم كندا، ما أثار استياء الحكومة الإسرائيلية، التي اعتبرت هذه الخطوة “مكافأة للإرهاب”، على حد وصفها.
الولايات المتحدة من جانبها، اتخذت موقفًا متمايزًا، إذ رفضت دعم هذه الاعترافات، بينما حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في منشور على منصته “تروث سوشال”، من أن “أسرع طريقة لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة هي استسلام حماس وإطلاق سراح الرهائن”.
ورغم ذلك، بدا أن واشنطن تعترف بالكارثة المتفاقمة في غزة. فقد وصف ترامب الوضع في القطاع بأنه “مروّع”، في تعليقات نادرة تعكس إدراكًا لحجم المعاناة الإنسانية، فيما أقر مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، بأن غزة “تواجه مجاعة حقيقية”.
ويتكوف، الذي يترأس جهودًا أمريكية متعثرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، زار الخميس مركز توزيع مساعدات في رفح جنوبي غزة وسط إجراءات أمنية مشددة، وتلقى إحاطات ميدانية حول سير توزيع الغذاء والمساعدات الإنسانية. ومن المقرر أن يقدم لاحقًا إحاطة للرئيس ترامب بشأن خطة نهائية لتسريع عمليات الإغاثة.
مجاعة تلوح في الأفق وتزايد أعداد الضحايا
الوضع الإنساني في غزة وصل إلى نقطة الانهيار. فقد حذرت وكالات أممية من أن “المجاعة باتت وشيكة”، وسط صور صادمة لأطفال هزيلين وجثث يغطيها الرصاص، كان آخرها في مستشفى الشفاء بمدينة غزة بعد إطلاق نار إسرائيلي على حشد حاول الوصول إلى مساعدات غذائية.
وبحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، فإن عدد القتلى الفلسطينيين تجاوز 60,000، معظمهم من المدنيين. وتشير تقارير الدفاع المدني في غزة، إلى سقوط عشرات القتلى يوميًا جراء الغارات والقصف ونيران الجيش الإسرائيلي.
في مشهد يعكس يأس السكان، قال أحد المواطنين في غزة بعد تلقيه مساعدات غذائية من إسقاط جوي: “هذا ما يبدو عليه الموت… الناس يقتتلون بالسكاكين من أجل الطعام”.
من جهة أخرى، تزايدت الضغوط الأوروبية على حكومة بنيامين نتنياهو. ففي زيارة إلى أورشليم (القدس)، حذر وزير الخارجية الألماني، يوهان واديبول، من أن إسرائيل “تجد نفسها في عزلة متزايدة”، في وقت تدرس فيه دول أوروبية مثل البرتغال الاعتراف بدولة فلسطين.
ورغم ما أثير حول وجود استعداد ضمني داخل حماس لتسليم السلطة بعد الحرب، فإن الحركة لم تصدر أي موقف رسمي واضح تجاه الدعوة العربية لنزع سلاحها.
ولا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يعارض بشدة أي مسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، معتبرًا أنه “يهدد أمن إسرائيل”، ما يعقّد من جهود التسوية ويزيد من عمق الفجوة بين مواقف الأطراف.
في ظل تصاعد الأصوات الدولية الداعية لإنهاء الحرب، يبدو أن التحولات الإقليمية والدولية وضعت حماس تحت ضغط غير مسبوق، وأحرجت الحكومة الإسرائيلية في آنٍ معًا، فيما يبقى السؤال الأهم: هل تترجم هذه البيانات السياسية إلى تغيير حقيقي على الأرض؟
قسد تتصدى لهجوم في ريف ديرو زعورو وتتهم دمشق بالتصعيد
ديرو زعورو (دير الزور), شمال وشرق سوريا – في أحدث فصول التوتر المستمر بين قوات سوريا الديم…