باسيل يعيد تقييم تحالفه مع حزب الله.. وجعجع يندد بسياساته التقسيمية
بيروت – في خطوة نادرة وحادة تنأى به عن تحالفه الطويل مع حزب الله، دعا رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، الحزب الشيعي القوي إلى الاعتراف بأن ترسانته العسكرية قد أصبحت “عبئاً” على لبنان، في إشارة إلى أن التفاهم الوثيق بين التيار الوطني الحر وحزب الله، قد يشهد تصدعاً تحت وطأة الحرب الإقليمية والاستياء الداخلي. وقال باسيل في مقابلة تلفزيونية مع قناة “إم تي في” لبنان يوم الخميس: “أدعو حزب الله إلى تحمل المسؤولية والاعتراف بأن هذه الأسلحة باتت عبئاً“، وحث الحزب على التوقف عن “شراء الوقت” والانخراط في “تفكير جاد” حول مستقبل دوره في البلاد.
جبران باسيل، صهر الرئيس اللبناني السابق، ميشيل عون، والعضو البارز في الطائفة السريانية المارونية، والذي كان يُعتبر أبرز الحلفاء المسيحيين لحزب الله، يبدو أنه يعيد تموضعه في المشهد السياسي اللبناني. يأتي ذلك في ظل تزايد الضغوط على حزب الله، ليس فقط من خصومه التقليديين، بل أيضاً من بعض حلفائه السابقين. ويجد التيار الوطني الحر، الذي أبرم “تفاهماً” مثيراً للجدل مع حزب الله عام 2006، نفسه اليوم في عزلة سياسية، بينما يواجه الحزب ضغوطاً متصاعدة تشمل عقوبات أمريكية، وغارات جوية إسرائيلية، وتنامي السخط الشعبي ضده.
يبدو أن القيادات المسيحية اللبنانية — التي عُرفت تاريخياً بتباين مواقفها — بدأت تلتقي اليوم على هواجس مشتركة، أبرزها رفض النهج الأحادي لحزب الله، لا سيما في ما يتعلق بقرارات الحرب والسلم، والتي تُعتبر تعدياً على السيادة اللبنانية وتعميقاً للانقسامات الطائفية.
وقد عبّر رئيس حزب القوات اللبنانية، الدكتور سمير جعجع – وهو من أبرز المعارضين التاريخيين لحزب الله – عن هذا الموقف خلال لقاء سنوي لحزبه، محذراً من أن ما سمّاه “منطق الحزب الخاص” غريب عن الغالبية الساحقة من اللبنانيين.
وقال جعجع: “هذه ليست فقط وجهة نظر القوات اللبنانية، هناك 75 % من الشعب اللبناني يرفضون هذا الواقع المفروض، لكن حزب الله مصرّ على المضي في نهجه“، مشدداً على أن المشكلة لا تكمن في هوية الحزب الطائفية، بل في سلوكه السياسي. وأضاف: “لا توجد منافسة سياسية حقيقية معهم — فنحن لا نتحدث اللغة نفسها“.
تأتي انتقادات باسيل في وقتٍ تتواصل فيه الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان وشرقه، رغم وقف إطلاق النار الهش المُعلن في أواخر تشرين الثاني الماضي، حيث لاتزال القوات الإسرائيلية متمركزة في 5 تلال استراتيجية في الجنوب، في ظلّ تزايد المخاوف من اندلاع مواجهة أوسع. وفي المقابل، فإن مشاركة حزب الله العسكرية لم تحقق ردعاً ملموساً، ما ساهم في تأجيج مشاعر الإحباط لدى اللبنانيين.
وفي حديث صحفي، شدد باسيل على أن لبنان لا يمكنه تحمّل سلامٍ منفرد مع إسرائيل، مؤكداً أن أي مسار للتطبيع يجب أن يكون ثمرة توافق عربي شامل. وأوضح أنه يدعم “سلاماً عادلاً” — سلاماً يضمن للبنان حقوقه الكاملة في الأرض والموارد، ويوفّر له الحماية من الاعتداءات الإسرائيلية.
ومع ذلك، فإن نبرة تصريحات باسيل وتوقيتها، يوحيان بما هو أبعد من مجرد إعادة تموضع في السياسات. إذ يرى مراقبون أن باسيل، الذي بات اليوم في موقع سياسي هش بعد فقدانه دعم حزب الله، وتوتر علاقاته مع شريحة واسعة من القاعدة المسيحية، قد يسعى إلى الاقتراب من التيار المسيحي — في محاولة محتملة لإعادة التموضع السياسي وربما التمهيد لتحالف جديد مع قوىً كحزب القوات اللبنانية، برئاسة جعجع.
ويمثل هذا التحوّل في الخطاب نقطة تحول بارزة لرجل كان يُنظر إليه سابقاً على أنه أبرز قناة تواصل بين حزب الله والمكون المسيحي. واليوم، ومع تراجع نفوذ الحزب وتبدل الحسابات الإقليمية في العالم العربي حيال إسرائيل، يبدو أن باسيل يسعى إلى الحفاظ على موقعه — وربما على بقائه السياسي — في لبنان الذي يتجه تدريجياً نحو تجاوز صفقاته الطائفية السابقة.
إيشوع كورية، ممثل مجلس بيث نهرين القومي: الشعب السرياني يطالب بمكانه في سوريا الجديدة، ومهما كان مستقبل سوريا، نريد أن نكون جزءًا منه
تحدّث إيشوع كورية، عضو الهيئة التنفيذية لمجلس بيث نهرين القومي، بإسهاب في مقابلة مطولة عبر…