‫‫‫‏‫3 أيام مضت‬

زحلة: تصاعد القلق إزاء صفقات أراضٍ مشبوهة تهدد التركيبة السكانية للمدينة

 زحلة، لبنان – تشهد مدينة زحلة التاريخية في وادي البقاع اللبناني حالة من القلق المتزايد جراء ظاهرة بيع الأراضي في ظروف تثير الشكوك، والتي يخشى أن تؤدي إلى تغييرات جوهرية في الهوية الثقافية والديموغرافية للمدينة التي حافظت على طابعها المميز عبر قرون. 

خلال اجتماع عقد مؤخرًا في مقر بلدية زحلة بمنطقتي المعلقة وتعنايل، ناقش نواب حزب القوات اللبنانية، جورج عقيص و إلياس استيفان، إلى جانب رئيس البلدية، سليم غزالة، وأعضاء المجلس البلدي، تداعيات أزمة بيع الأراضي، حيث تمحورت المناقشات حول مخاوف مشتركة من أن تكون سلسلة المعاملات العقارية _ التي يُعتقد أنها تتم عبر قنوات غير شفافة _ جزءًا من مساعٍ ممنهجة لإعادة تشكيل النسيج الديموغرافي للمنطقة. وأكد رئيس البلدية غزالة، أن “زحلة ظلت رمزًا للتعايش والتنوع الثقافي، ومع ذلك، فإن هذه القضية باتت تشكل أولوية ملحة. لا يمكننا التغاضي عن محاولات تغيير طابع المدينة عبر صفقات عقارية تفتقر إلى التنظيم والشفافية.” 

اختُتم الاجتماع بإعلان يتضمن 4 محاور رئيسية تهدف إلى صون هوية المدينة: 

  • التأكيد على الحق المشروع لجميع سكان زحلة – بغض النظر عن الانتماء الطائفي – في التملك والاستثمار العقاري. 
  • إجراء تحقيقات معمقة في المعاملات العقارية المثيرة للريبة، خاصة تلك التي تثير تساؤلات حول مصادر التمويل أو الدوافع السياسية الكامنة وراءها. 
  • وضع آلية رقابية بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة لضمان الشفافية والمساءلة في المعاملات العقارية المستقبلية. 
  • حماية التراث الثقافي والهوية التاريخية لزحلة من أي محاولات للتلاعب، مع الالتزام بحماية حقوق الملكية الخاصة. 

وجاء هذا الاجتماع استجابةً لسلسلة من التصريحات العامة التي أدلى بها قادة المجتمع المحلي، بما في ذلك أساقفة وممثلو أحزاب سياسية، حذروا فيها من “جهود منسقة وممنهجة” تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمدينة وتقويض أغلبيتها المسيحية. 



في بيان شديد اللهجة بعنوان “زحلة ليست للبيع… هويتها خط أحمر”، وصفت لجنة التنسيق في حزب الاتحاد السرياني في لبنان ما يجري، بأنه “اعتداء على النسيج الاجتماعي للمدينة”. 

وجاء في البيان: «تُشكّل هذه المبيعات تهديداً مباشراً لطابع زحلة الفريد وإرثها المسيحي العريق. فزحلة ليست سلعة في سوق الاستثمارات، بل مدينة قاومت طويلاً محاولات التلاعب الديموغرافي». 

وجدّد الحزب تأكيده الوقوف الكامل إلى جانب أصحاب السيادة المطارنة في مواقفهم، مناشداً جميع أبناء زحلة ومحيطها بالتحلّي بأعلى درجات اليقظة والمسؤولية. 

وجاء في البيان: “إن الحفاظ على الهوية التاريخية والثقافية لزحلة لا يندرج ضمن إطار محلي ضيّق، بل يُشكّل مسؤولية وطنية وأخلاقية بامتياز” 

وفي السياق، أعرب رجال دين ونشطاء في المجتمع المدني عن قلقهم إزاء مساعٍ سياسية، محلية وإقليمية، للاستفادة من التحديات الاقتصادية الراهنة للاستحواذ على عقارات في مواقع استراتيجية رئيسية. 

لطالما اعتُبرت زحلة معقلاً أساسياً للمسيحيين في سهل البقاع، وقد نجحت في الحفاظ على هويتها المتفرّدة في بلدٍ غالباً ما تطغى فيه الانقسامات الطائفية على المشهد السياسي. وتُعد المدينة موطناً تاريخياً لطوائف السريان الموارنة، والسريان الأرثوذكس، والروم الملكيين، والآشوريين منذ أجيال متعاقبة. 

وفي تعليق له، قال النائب عن المنطقة، إلياس استيفان: “هذه المدينة بقيت شامخة رغم الحروب والتهجير والضغوط”. وأضاف: “لن نسمح بأن تُغيّر الضائقة الاقتصادية أو الحسابات السياسية ما تمثّله زحلة من قيم وهوية”. 

واختتم حزب الاتحاد السرياني في لبنان بيانه برسالة تحدٍّ واضحة قائلاً: “ستبقى زحلة حرّة، أبيّة، وصامدة، ولن تساوم على هويتها أو تسمح لأحد بأن يمسّ نسيجها الاجتماعي” 

وفي الوقت الراهن، تتجه الأنظار نحو المجلس البلدي الذي تعهّد بوضع آلية رقابية بالتعاون مع الجهات الرسمية المختصة. غير أنّ السؤال يبقى: هل ستكون هذه الخطوات كافية لكبح جماح الصفقات العقارية غير المنظّمة، وطمأنة السكان الذين يزداد قلقهم من تدخلات سياسية خفية؟ 

‫شاهد أيضًا‬

سليم الصايغ: “حرب الإسناد كانت خدمة لإسرائيل”

بيروت — في مقابلة متلفزة بثتها قناة سورويو TV لبنان، تحدث النائب اللبناني والوزير السابق، …