اكتشاف ورشة كنعانية قديمة يعود تاريخها إلى 5500 عام 

وادي قميم، الأراضي المقدسة – في اكتشاف أثري نادر واستثنائي، أعلنت هيئة الآثار الإسرائيلية عن اكتشاف ورشة كنعانية قديمة، تتضمن أدوات صنعت من الصوان واستخدمت في الزراعة قبل 5500 عام تعود للعصر البرونزي المبكر، وذلك خلال أعمال تنقيب جرت في وادي قميم، بالقرب من مدينة كريات جات جنوب إسرائيل. 

الورشة المكتشفة تتضمن مجموعة كبيرة من أدوات الصوان التي استخدمت في الزراعة، إضافة إلى نوى صوان تُظهر مراحل إنتاج الأدوات، ما يدل على وجود مركز إنتاجي منظم ومتطور بالنسبة لتلك الحقبة. 

وقال دودو بيتون، خبير أدوات الصوان والشفرات الكنعانية في هيئة الآثار الإسرائيلية، لصحيفة تايمز أوف إسرائيل: “هذه هي المرة الأولى التي نكتشف فيها ورشة كنعانية بكامل مساحتها، وهو أمر استثنائي حقًا”. 

ويتميّز الموقع بمئات الحفر الجوفية، بعضها مبطن بالطوب، مما يدل على بنية تحتية متقدمة نسبيًا لحضارة تعود إلى آلاف السنين. ووفقًا لبيتون، فإن الموقع لا يشير حتى الآن إلى وجود مستوطنة سكنية كبرى، رغم العثور على بعض بقايا الجدران والمنشآت الصغيرة. ويرجّح الباحثون أن تكون المستوطنة قد اندثرت بفعل النشاط الزراعي الحديث، أو لم تُكتشف بعد. 

اكتشاف بمحض الصدفة 

اكتشاف الموقع لم يكن بالحسبان، بل جاء مصادفة، فمنذ عامين، وضمن خطة البلدية لتطوير وبناء حي سكني جديد، اكتُشِف الموقع خلال عمليات الحفر لوضع أسس البناء الخرسانية، لتُفتح بذلك بوابة على ماضٍ عريق، تُروى من خلاله قصة حضارة لا تزال حاضرة بآثارها وشواهدها، رغم مرور آلاف السنين. 

الكنعانيون 

يستخدم الخبراء مصطلح “الكنعانيين” للإشارة إلى السكان الساميين الذين سكنوا المنطقة لآلاف السنين، وطوّروا ثقافة محلية مميزة عن ثقافة الحضارات المجاورة، وأبرزها المصريون الذين سيطروا على المنطقة في العصر البرونزي المبكر. وبعد قرون، سُجّل الكنعانيون في الكتاب المقدس (الإنجيل) ونصوص قديمة أخرى. 

ما تكتشفه اليوم سلطات الآثار ليس مجرد أدوات حجرية، بل دلائل ملموسة على حضارة الكنعانيين، التي شكّلت أحد أقدم أوجه الاستقرار البشري في هذه الأرض. وما عُثر عليه مؤخراً، وما قد يُكتشف لاحقًا، هو إرث الأجداد الذين نقشوا على وجه التاريخ حضارتهم العريقة.