‫‫‫‏‫يومين مضت‬

مئات المفقودين وآلاف القتلى في صراع السويداء الدموي جنوب سوريا

السويداء، سوريا – بينما تواصل محافظة السويداء السورية لملمة جراحها، بعد أسابيع من المواجهات الدامية التي اندلعت في 13 تموز، لا تزال الأرقام القادمة من أرض الواقع تفوق قدرة الخيال. فقد وثق “المرصد السوري لحقوق الإنسان” اختفاء ما لا يقل عن 560 شخصاً، بينهم 52 امرأة و26 طفلاً، في أعقاب اشتباكات غير مسبوقة في عنفها، جمعت بين فصائل مسلّحة من أبناء الطائفة الدرزية ومجموعات عشائرية مدعومة من وزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة السورية. 

وعلى الرغم من إعلان اتفاق هش لوقف إطلاق النار في 19 تموز، إلا أن الوضع لا يزال مشوباً بالقلق، والغموض يلف مصير المئات من المفقودين، فيما يتزايد قلق ذويهم ويطلقون مناشدات مستمرة للجهات المعنية لكشف الحقيقة. 

بحسب أحدث إحصائيات المرصد، فإن عدد القتلى منذ انطلاق المواجهات وحتى دخول اتفاق الهدنة حيّز التنفيذ، بلغ 1490 شخصاً. من بين هؤلاء، سقط 707 من أبناء محافظة السويداء، بينهم 164 مدنياً، منهم 21 طفلاً و56 امرأة. كما شملت الحصيلة مقتل 469 من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام، و15 جندياً في غارات إسرائيلية، إضافة إلى صحفيين اثنين لقيا حتفهما أثناء تغطية الأحداث. 

لكن الرقم الأشد قسوة يتعلّق بضحايا الإعدامات الميدانية، حيث وثّق المرصد مقتل 291 شخصاً رمياً بالرصاص، بينهم 17 امرأة و10 أطفال ورجل مسن. كما قُتل 3 من أبناء عشائر البدو، بينهم سيدة وطفل، على يد مسلحين من الطائفة الدرزية. 

في موازاة القتال، تعيش السويداء حالة من الحصار الخانق منذ أكثر من أسبوعين. دخول المساعدات الإنسانية لا يزال محدوداً، والأوضاع المعيشية تتدهور مع كل يوم يمرّ. السكان يواجهون شحاً في الغذاء والدواء، بينما يشكو الناجون من فقدان الخدمات الأساسية، وسط غياب واضح لأي تحرّك فاعل من الحكومة السورية أو الهيئات الدولية. 

يقول أهالي المفقودين إن الصمت الرسمي يقتلهم كل يوم. لا معلومات عن مكان أبنائهم، لا صور، لا مكالمات، فقط صمت ثقيل. يعيشون في فراغ مرعب، لا يعرفون إن كانوا سيستلمون جثة أم خبراً عن حياة. 

أما المرصد، فيحذّر من أن الأرقام المعلنة قد لا تكون نهائية، إذ إن هناك عدداً غير معروف من الضحايا لم يُوثق بعد، فيما يستمر انتشال الجثث من بين الأنقاض والمناطق المحاصرة. 

رغم سريان اتفاق ميداني، لم تُحلّ الأزمة فعلياً. التوتر لا يزال يسود الجنوب السوري، والتحليلات ترجّح أن تنفجر موجة جديدة من العنف في أي لحظة إذا لم تُتخذ إجراءات حقيقية على الأرض. 

أهالي السويداء، الذين لطالما تمسّكوا بسلمية احتجاجاتهم ومواقفهم، باتوا اليوم يتساءلون: هل نُسي الجنوب؟ وأين هي العدالة؟ ومتى يحاسب من أطلق الرصاص على أبنائهم وتركهم للمجهول؟ 

إلى أن تأتي الإجابة، تبقى أرقام القتلى والمفقودين شاهداً دامغاً على فصول جديدة تُكتب بالدم في سوريا المنهكة. 

‫شاهد أيضًا‬

إيشوع كورية، ممثل مجلس بيث نهرين القومي: الشعب السرياني يطالب بمكانه في سوريا الجديدة، ومهما كان مستقبل سوريا، نريد أن نكون جزءًا منه

تحدّث إيشوع كورية، عضو الهيئة التنفيذية لمجلس بيث نهرين القومي، بإسهاب في مقابلة مطولة عبر…