الحركة الديمقراطية الآشورية تخلّد الذكرى الـ92 لمجزرة سميل وتجدد دعواتها للعدالة والحكم الذاتي في العراق وسوريا
بيث نهرين – مع اقتراب الذكرى الثانية والتسعين لمجزرة سميل في السابع من آب/أغسطس، يستعد أبناء الشعب الكلداني–السرياني–الآشوري في مختلف أنحاء العالم لإحياء هذه المناسبة الأليمة، في وقت أصدرت فيه الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) بياناً رسمياً جدّدت من خلاله مطالبتها بتحقيق العدالة، وضمان الحقوق القومية، وصون الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الآشوري في العراق وسوريا.
ويأتي هذا البيان في سياق إحياء ذكرى المجزرة التي ارتكبها الجيش العراقي عام 1933 في بلدة سميل، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من أبناء الشعب الكلداني–السرياني–الآشوري، بالإضافة إلى إحياء الذكرى الحادية عشرة للهجمات الإبادية التي شنّها تنظيم “داعش” الإرهابي عام 2014، واستهدفت المسيحيين من الكلدان–السريان–الآشوريين، إلى جانب الإيزيديين في مدينة الموصل وسهل نينوى ومنطقة شيغور (شنكال/سنجار).
وجاء في البيان: “في هذا اليوم، نُحيي بكل خشوع ذكرى شهدائنا الأبرار، الذين ارتوت بدمائهم أرض الآباء والأجداد، دفاعًا عن حرية شعبنا وقضيته العادلة، وتجسيدًا لوجوده التاريخي في موطنه الأصيل — آشور.”
وجّهت الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) في بيانها رسالة قوية سلّطت فيها الضوء على سلسلة طويلة من المظالم التاريخية التي لحقت بالشعب الكلداني–السرياني–الآشوري، بدءًا من المجازر التي ارتُكبت في ظل الإمبراطورية الساسانية والفتوحات الإسلامية، مرورًا بالإبادة الجماعية التي نفذها العثمانيون إبان الحرب العالمية الأولى والمعروفة بـ“سيفو“، ومجزرة سميل في ظل العهد الملكي العراقي، وحملة الأنفال في عهد نظام صدام حسين، وصولًا إلى فظائع تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأكد البيان أن هذه الفظائع لا تمثل مجرد وقائع من الماضي، بل تشكّل نمطًا ممنهجًا ومتواصلاً تغذّيه “أيديولوجيات شوفينية وإقصائية” تهدف إلى محو الثقافة والتاريخ والهوية الكلدانية–السريانية–الآشورية. وجاء في البيان: “هذا المسلسل الأسود لا يزال مستمرًا، وبقاؤه حتى اليوم يؤكد على ترسّخ ذهنية رافضة للتنوع، وعاجزة عن قبول الآخر.”
طرحت الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) في بيانها جملة من المطالب السياسية الملموسة، الرامية إلى إنهاء التهميش البنيوي الذي يعاني منه الشعب الكلداني–السرياني–الآشوري. وفي مقدمة هذه المطالب، جدّدت الحركة دعوتها المتواصلة إلى استحداث محافظة ذات إدارة محلية في سهل نينوى، باعتباره منطقة تاريخية ذات حضور أصيل لهذا الشعب، على أن تكون خالية من الصراع السياسي المتواصل بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان.
وشدّدت زوعا على أن هذا المطلب لا يمثل فقط استحقاقًا قوميًا مشروعًا، بل يشكّل أيضًا خطوة ضرورية لضمان حماية الوجود التاريخي والثقافي والديموغرافي للكلدان–السريان–الآشوريين في موطنهم الأصلي.
وجّهت الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) انتقادات حادة لكلٍ من بغداد وأربيل، متهمةً إيّاهما بالتقاعس عن حماية أبناء الشعب الكلداني–السرياني–الآشوري من التهجير، والتلاعب الديموغرافي، والتجزئة الإدارية المتعمّدة.
وجاء في البيان: “نرفض رفضًا قاطعًا فرض الأجندات الخارجية على مناطقنا“، محذرًا من محاولات ممنهجة لدفع أبناء شعبنا نحو الهجرة القسرية من خلال خلق ظروف معيشية غير قابلة للتحمّل، ما يهدد بتفريغ مناطقنا التاريخية من سكانها الأصليين.
دعت الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) في بيانها مجلس النواب العراقي إلى تشريع قوانين تضمن المساواة والعدالة وتمنع تكرار المجازر والانتهاكات “تحت أي ذريعة أو على أي أساس.” وشددت على حق العودة والتعويض لذوي ضحايا مجزرة سميل، مطالبة بإنهاء عسكرة قرى الشعب الكلداني–السرياني–الآشوري، وضمان أن تكون هذه المناطق خالية من مظاهر التوتر والهيمنة المسلحة.
كما تطرّق البيان إلى المظالم العالقة في مرحلة ما بعد “د1عش“، لاسيما ما يتعلق بانعدام إعادة الإعمار الاقتصادي، وغياب الأمن، وافتقار سهل نينوى إلى البنى التحتية والخدمات الأساسية. وانتقدت زوعا تقاعس الحكومة عن إجراء تحقيق شفاف في جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها التنظيم في مدينة بغديده (قره قوش) عام 2014، مشيرة إلى أن هذا التقصير يشكّل إهانة مستمرة لأسر الضحايا ويؤخر تحقيق العدالة المنشودة.
أشادت الحركة في بيانها باتفاق السلام المُبرم في عام 2025 بين تركيا وحزب العمال الكردستاني (PKK)، بما في ذلك ما تم تداوله عن قرار الحزب بنزع السلاح والانسحاب، معتبرة أن هذه الخطوة تشكّل فرصة حقيقية لتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وفي هذا السياق، دعت الحركة إلى ضرورة انسحاب مقاتلي الحزب من القرى السريانية، ولا سيما تلك الواقعة ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان، مؤكدة أن هذا الانسحاب يُعدّ شرطًا أساسيًا لعودة آمنه للعائلات المهجّرة.
كما جدّدت الحركة مطالبها لحكومة إقليم كردستان بإزالة جميع التعديات غير القانونية على الأراضي المملوكة لأبناء الشعب الكلداني–السرياني–الآشوري، وضمان شراكة سياسية حقيقية وتمثيل فعلي لهذا المكوّن في مختلف مستويات الحكم والإدارة، بعيدًا عن التهميش الشكلي والمصالح الحزبية الضيقة.
هذا وأقرت الحركة في بيانها بالدور الحيوي والمحوري الذي تؤديه الجاليات الكلدانية–السريانية–الآشورية في المهجر، داعية إلى تعزيز التنسيق والتواصل معها بما يخدم دعم الحقوق الوطنية والإنسانية المشروعة لشعبنا في الوطن.
وفي الداخل، أكدت الحركة على أهمية ترسيخ الوحدة الداخلية، وتعزيز الصمود، والتحلي بالنضج السياسي في مواجهة التحديات الراهنة. وجاء في البيان: “إلى رفاقنا في الداخل نقول: قوّوا التماسك الداخلي، وواجهوا بحزم كل محاولة للنيل منه. استلهموا صلابتكم من تضحيات شهدائنا.”
اختتمت الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) بيانها بتعهّد راسخ بمواصلة مسيرة النضال التي خاضها أولئك الذين قدّموا أرواحهم فداءً لبقاء وكرامة الشعب الكلداني–السرياني–الآشوري، مؤكدة أنّ تضحياتهم ستظل نبراسًا يهدي الأجيال.
وجاء في ختام البيان:
“المجد لشهدائنا… والنصر لقضيتنا العادلة.”
وتُعد مجزرة سميل، التي ارتكبها الجيش العراقي في آب/أغسطس من عام 1933، أول إبادة جماعية تقودها دولة في الشرق الأوسط الحديث. فقد أُزهقت فيها أرواح آلاف المدنيين من الكلدان–السريان–الآشوريين، ودُمّرت عشرات القرى تحت ذريعة قمع “تمرد مزعوم“. ولا تزال هذه المجزرة تمثّل حدثًا رمزيًا عميق الدلالة في الوعي الجمعي لهذا الشعب، وتشكّل صرخة دائمة من أجل الاعتراف القومي وتحقيق العدالة.
ومنذ تلك المجزرة، واصل الشعب الكلداني–السرياني–الآشوري، وهو الشعب الأصيل في بلاد ما بين النهرين (بيث نهرين)، مواجهة موجات متتالية من الاضطهاد والتهميش والتهجير القسري. وبينما تمتد أراضيه التاريخية عبر العراق وسوريا وتركيا وإيران، باتت هذه الجماعة تعاني من التشتت والاغتراب بفعل الحروب، وعدم الاستقرار، والتمييز الممنهج، ما جعلها اليوم واحدة من أكثر الشعوب الأصلية تهديدًا في وجودها وهويتها.
لاتحاد السرياني الأوروبي يحيي الذكرى الحادية عشرة لغزو د1عش لسهل نينوى ويطالب بالاعتراف العالمي بالإبادة الجماعية
بروكسل – أصدر الاتحاد السرياني الأوروبي بيانًا بمناسبة الذكرى الحادية عشرة للهجوم الوحشي …