حزب الله يرفض تحديد مهلة زمنية لنزع السلاح ويعيد لبنان إلى دائرة الجمود السياسي
بعبدا، لبنان – عاد المشهد السياسي اللبناني إلى حالة من الجمود يوم الإثنين، بعدما أعلنت قيادة حزب الله رفضها العلني لتسليم سلاحها أو الالتزام بأي جدول زمني لنزعه. وجاء هذا الموقف تزامناً مع جلسة وزارية حاسمة عُقدت في قصر بعبدا الرئاسي، كان يُتوقع أن تشكل خطوة أولى نحو حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وفي كلمة ألقاها خلال تأبين القائد الإيراني محمد سعيد ازادي، شدد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، على أن نزع السلاح “أمر غير مطروح” في ظل استمرار “العدوان الإسرائيلي”، مجدداً تمسك الحزب بعقيدة “الجيش، الشعب، والمقاومة” كأساس لما يراه استراتيجية الدفاع الوطني.
وقال قاسم: “لا اتفاق مع إسرائيل، ولن يكون. تسليم السلاح يعني التخلي عن كرامة لبنان”.
الجلسة الوزارية، التي حضرها الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، انتهت من دون صدور قرار حاسم. إلا أن سلام أعلن عن تكليف الجيش اللبناني بإعداد خطة نزع السلاح بحلول نهاية العام، على أن تُستكمل مناقشة المقترح الأميركي في جلسة جديدة يوم الخميس.
لكن مصادر حضرت الجلسة أفادت لصحيفة “الأنباء” بأن الوزيرين تمارا زين وركان نصر الدين انسحبا من الاجتماع احتجاجاً على طرح مهل زمنية أو اتخاذ قرارات مسبقة قبل الاطلاع الكامل على المقترح الأميركي — في خطوة كشفت عن عمق الانقسامات داخل مجلس الوزراء.
وفي السياق ذاته، نقل مصدر عسكري أن قيادة الجيش قد تطلب تمديد المهلة المحددة إلى ما بعد كانون الأول، بناءً على الظروف السياسية والميدانية، قائلاً: “هذه ليست مهمة يمكن إنجازها على عجل”.
أما المقترح الأميركي، بحسب ما تسرّب من معلومات، فيتضمن إشارات إلى سيادة الدولة وضبط الحدود، من دون أن يقدم اقتراحات حول آليات التنفيذ أو الضمانات الإقليمية.
وبعد ساعات من انتهاء جلسة الحكومة، نفذت إسرائيل ضربة جوية استهدفت سيارة في بلدة بريتال في سهل البقاع، ما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل، بحسب مركز الطوارئ الصحية التابع لوزارة الصحة اللبنانية. وقد زاد توقيت الضربة من تعقيد النقاشات داخل الحكومة، وأعاد تسليط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في البلاد.
قال مستشار سياسي مطّلع على مجريات النقاشات، في تصريح لصحيفة “الأنباء” طالب فيه عدم الكشف عن هويته، إن إيران لا تزال متمسكة بالحفاظ على حزب الله كورقة استراتيجية ضمن نفوذها الإقليمي. وأضاف: “فصل حزب الله عن المحور الإيراني لا يعني الانضمام إلى محور آخر. بقاء لبنان مرهون بالحياد، لا بالانحياز”.
وانتقد المستشار ما وصفه بـ”أسطورة الردع”، مشيراً إلى أن تموضع حزب الله العسكري منذ عام 2006 لم ينجح في منع التصعيد، بل ساهم في تعميق عزلة لبنان على الصعيدين الإقليمي والدولي. وختم بالقول: “السلاح لا يحمي السلاح، وحدها الدولة قادرة على تأمين الحماية الشرعية والفعلية للبنان”.
ويرى مراقبون أن هامش المناورة لدى حزب الله بدأ يضيق. ووفقاً لصحيفة “الأنباء”، فقد فشلت محاولات الحزب في الحصول على دعم من الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. والأكثر لفتاً، أن شخصيات سياسية كانت تُعدّ سابقاً قريبة من الحزب، مثل النائبين فيصل كرامي وطوني فرنجية، أبدت تأييدها العلني لنزع السلاح وتعزيز سلطة الدولة.
وخلال جلسة مجلس الوزراء، اندلعت احتجاجات محدودة مؤيدة لحزب الله في بعض معاقله، إلا أن الجيش وقوى الأمن الداخلي تمكنوا من السيطرة عليها بسرعة — في تطور اعتبره البعض مؤشراً على بدء استعادة الدولة لزمام الأمور.
وفي خطوة رمزية، صوّتت الحكومة على تغيير اسم طريق المطار — الذي كان يُعرف سابقاً بـ”جادة حافظ الأسد” — ليصبح باسم الفنان اللبناني الراحل زياد الرحباني، وهو ما فُسّر على أنه محاولة للنأي بلبنان عن إرث النظام السوري وتخليد ذكرى شخصية وطنية جامعة.
وقال أحد المسؤولين الكبار: “الأمر يتجاوز تغيير الاسم، إنها رسالة بأن ماضينا لا يجب أن يتحكم بمستقبلنا”.
ورغم تشدد حزب الله وعجز الحكومة عن اتخاذ قرار ملزم، يبقى ملف نزع السلاح مؤشراً صارخاً على حالة الشلل التي يعاني منها لبنان. فالنقاش حول سلاح الحزب، والذي يُعتبر مفتاحاً لبناء دولة حقيقة، يبدو أنه سيُؤجَّل مرة أخرى، في وقت يتخبط فيه البلد في أزمة اقتصادية خانقة، ومؤسسات معطلة، وإقليم مضطرب.
وقال رئيس الحكومة تمام سلام: “لم يعد بإمكاننا الانتظار. على الدولة أن تتحرك — ليس فقط لاستعادة هيبتها، بل لحماية مستقبل لبنان كله”.
مراد: “كفى وقاحة إيرانية.. آن أوان قطع العلاقات وطرد السفير الإيراني فورًا”
بيروت ─ رغم توافق الأوساط اللبنانية والأممية والدولية على ضرورة سحب سلاح ميليشيا حزب الله …