‫‫‫‏‫يومين مضت‬

الرئيس المشترك لحزب الاتحاد السرياني، سنحريب برصوم: مؤتمر وحدة المكونات نموذج لمؤتمر سوري شامل

زالين – شمال وشرق سوريا — عُقد في 8 آب 2025 بمدينة الحسكة، بإقليم شمال شرق سوريا مؤتمر “وحدة مكونات شمال وشرق سوريا” تحت شعار “معًا من أجل تنوع يعزز وحدتنا، وشراكة تبني مستقبلنا”، في مشهد عكس غنى النسيج الاجتماعي والعرقي للمنطقة.

شارك في المؤتمر الرئيس المشترك لحزب الاتحاد السرياني، سنحريب برصوم، الذي أوضح في حديث مطول لقناة “سورويو“، خلفيات وأسباب انعقاد المؤتمر.

أدناه تقييم برصوم للمؤتمر، وتم تلخيص اللقاء التلفزيوني ليكون سهل القراءة.


 


كارلوس حنا: ما هي الأسباب السياسية والاعتبارات الأمنية لتنظيم مؤتمر وحدة مكونات شمال شرق سوريا في الحسكة؟ ولماذا الآن؟

سنحريب برصوم: بسبب الطريقة التي شكل بها الحكام السوريون الجدد حكومتهم، وإصدار القوانين والمراسيم، وتنفيذ العملية الدستورية خلال الأشهر الثمانية الماضية منذ تسلمهم السلطة. لم تكن هناك مشاركة حقيقية من مختلف القوى السياسية والمكونات في سوريا. لا يزال هذا النهج الاستبعادي للحكومة قائماً. لذلك، أردنا التعريف بموقفنا وأن نظهر أن نهج الحكومة خاطئ. أردنا التأكيد على الحاجة الملحة لإشراك الأصوات المتنوعة في سوريا في الحكم وصنع القرار.

في شمال وشرق سوريا، نتمتع بالاستقلالية ولا نخضع لرحمة الحكومة، وتتسنى لنا حرية العمل.، لذلك، يمكننا إجراء اجتماعاتنا بحرية وعقد مؤتمراتنا والتعبير عن آرائنا ومواقفنا وانتقاداتنا. هنا _ كشعوب شمال شرق سوريا _ يمكننا توضيح مطالبتنا بحقوقنا كشعوب في سوريا ككل، وأننا نسعى لأخد دورنا في حكم البلاد.

على سبيل المثال، الإعلان الدستوري الجديد لا يتضمن اعترافاً بتعددية الشعوب أو وجودها حتى. وهذا الاعتراف بالغ الأهمية بالنسبة لنا.

ومن جانب آخر، هناك مفاوضات جارية بين الحكومة السورية المركزية والإدارة الذاتية. لم تبدأ هذه المفاوضات بشكل جيد، ولم تفضِ إلا لنتائج حقيقية في غاية البساطة. لذا، فإن مؤتمر وحدة المكونات، هو رسالة للحكومة المركزية، مفادها: “هذه هي رؤيتنا، وهذه مطالبنا”. وهي مدرجة ضمن البيان الختامي للمؤتمر.

 

كارلوس حنا: هل كان عقد المؤتمر كردٍّ أو استجابة لتهديدات مباشرة، أو تطورات عسكرية ميدانية، أم كان خطوة استراتيجية مدروسة؟

سنحريب برصوم: من جهتنا، لم نوجه أي تهديد لأي طرف كان، ونحن لا نشكل تهديداً للحكومة، لكن الإشكالية تكمن في التعاون والتنسيق وكيفية التعرف على بعضنا البعض، وكيفية مناقشة نظام لا مركزي، وكيفية تحقيق الاعتراف بمختلف المجموعات الإثنية. أعتقد أن هذه قضايا رئيسية يمكن حلها في جميع المناطق السورية.

إن الذهنية السائدة حاليًا في أروقة الحكومة تركز على فرض حكومة مركزية وبسط سيطرتها على جميع المناطق السورية بالقوة والترهيب. رأينا هذا في السويداء، حيث طالب الدروز بحكم لا مركزي وحصر الأمن وقوات الشرطة بأبناء المحافظة. ورأينا أن رد الحكومة المركزية كان عن طريق القتل والاغتيالات.

هذه الطريقة في حكم البلاد ليست مقبولة. الإدارة الذاتية موجودة وقائمة وأعمالها مستمرة. ولا يمكن العودة للنظام السياسي الاستبدادي الذي كان سائداً قبل 2011، وما نراه، مع الأسف، هو أن الحكومة الجديدة قد تبنت نهج الأسد في الحكم. تسعى للسيطرة المطلقة، وتقرير التعيينات الوزارية والنيابية واللجان الحكومية وتطبيق قوانينها الخاصة. هذا نهج خاطئ أدى لوقوع مجازر.

مؤتمر وحدة المكونات أرسل رسالة مفادها: “أنصتوا لنا! إن النهج الذي تتبعونه ]الحكومة[، لن يفضي لأي حل سياسي أو أمني لسوريا. نسعى لتمكين كافة الشعوب من تمثيل نفسها ضمن سوريا الجديدة”

 

كارلوس حنا: هل مورست ضغوط خارجية لتنظيم المؤتمر؟

سنحريب برصوم: لا. المؤتمر عُقِد من منطلق شعبي، ومن مطلب شعبي، من شعب شمال شرق سوريا نفسه. وتم تمثيل الشعب السرياني الكلداني الآشوري عبر مختلف الأحزاب والمستقلين وممثلي الكنائس. وذات الأمر انطبق على العرب والأكراد والإيزيديين والأرمن. وكان الحضور كبيراً وفاعلاً من جميع الفئات والحركات والأحزاب والمنظمات الشبابية والنسوية.

كان مؤتمراً من الشعوب للشعوب، نظمته الإدارة الذاتية. ونرى أن هذا النموذج قابل للتطبيق على المستوى الوطني السوري.

 

كارلوس حنا: عُقِد المؤتمر تحت شعار “معاً نحو التنوع الذي يعزز وحدتنا، وشراكة تبني مستقبلنا”، هل يمكنك توضيح الشعار وشرح كيفية تطبيقه عملياً؟

سنحريب برصوم: الاعتراف هو الأساس. الاعتراف بتعدد الثقافات والشعوب. إنكار الاعتراف بحقوق وهوية الشعوب _ كما فعل الأسد ولا يزال يحدث الآن _ لا يؤدي إلا لنزاعات وحروب جديدة. ولهذا أكدنا خلال البيان الختامي للمؤتمر على دور الشعوب المتنوعة كأساس لسوريا جديدة ومستقرة.. هذا ما أردنا إيصاله للحكومة الجديدة. يمكنهم تنفيذ مطالبنا والوصول لأفضل النتائج. ومع ذلك، وفي حال رضوخ الحكومة لتركيا وسياساتها السلبية، فلن يبصر الحل النور. السياسة التركية سلبية ومضادة للتطور، ليس بالنسبة لشمال شرق سوريا فحسب، بل لسوريا ككل. رأينا ذلك فيما يتعلق بالمحادثات المقررة في باريس. كانت تركيا المتسبب بوقف المفاوضات، من خلال الضغط على الحكومة المركزية ومنع فريق المفاوضات من التوجه لباريس.

مؤتمرنا في غاية الأهمية، خاصة في ظل ممارسات وسياسات كهذه. وسنواصل عقد مثل هذه المؤتمرات حتى ضمان نيل حقوقنا على المستوى الوطني.

 

كارلوس حنا: هل كان المؤتمر يستهدف شريحةً أخرى؟ أي ليس فقط الحكومة السورية، ولكن أيضاً للمجتمع الدولي والقوى الإقليمية؟

سنحريب برصوم: رسالتنا كانت موجهة بالأساس للحكومة المركزية. لكننا لاحظنا أن المؤتمر لاقى أصداءً وحظي باهتمام دولي كبير، وتمت مناقشته وتحليله على نطاق واسع.

 

كارلوس حنا: وزير الخارجية السوري صرح بأن الاشتباكات في السويداء تُستَغلُّ لأهداف انفصالية، كيف لك أن ترى أن دارمسوق (دمشق) وأنقرة فهمتا رسالة المؤتمر؟

سنحريب برصوم: منظورهما خاطئ، كما أفعالهما على الأرض، إذ أن لا أحد يطالب بتقسيم سوريا. فشعوب شمال شرق سوريا والسويداء تطالب بحكم لا مركزي، والحكومة تفسر تلك المطالب على أنها مطالب تقسيم.. فاستنتاجي هو أنهم _ ببساطة _ يريدون فرض قبضة مركزية قوية، وهذا لا يقدم أي حل، ولا يخلق سوى المزيد من المشاكل.

هذا يصب في مصلحة تركيا، التي لها مصلحة في إبقاء شعوب شمال شرق سوريا في الحضيض. وذات المبدأ ينطبق على السويداء. وما أصبح واضحاً هو أن الأجندة السياسية التركية هي السائدة ويجري تطبيقها بالفعل.

تلك السياسة قوبلت بردود فعل دولية، بما في ذلك مجلس الأمن الذي أكد على ضرورة تطبيق القرار 2254، ولا يمكن لأي دولة الوقوف في وجه القرار ومنع تنفيذه، وإذا استُخدِم القرار _ الساري منذ 2015 وحتى اليوم _ كأساس للحل السوري، فإن من شأن ذلك إرغام العديد من الدول للاستجابة والتصرف وفقاً لبنوده، بما فيها الحكومة السورية.

 

كارلوس حنا: بالحديث عن تركيا، سمعنا اتهامات وزير خارجيتها هاكان فيدان لقوات سوريا الديمقراطية، بعدم الامتثال لاتفاق 10 آذار بين قائدها مظلوم عبدي، والرئيس السوري أحمد الشرع، ما تحليلك لتصريحات فيدان؟

سنحريب برصوم: هذه الاتهامات غير صحيحة، ونعرف ما حصل بالضبط، إذ كان من المفترض عقد اللقاءات في باريس، لكنها عُرقِلَت من قبل دارمسوق (دمشق)، وكان من المفترض استكمال اللقاءات خلال الشهر الجاري، لكن دارمسوق (دمشق) انسحبت مرة أخرى، كما أن البيان الختامي لمؤتمرنا عبر بوضوح عن دعمنا وثقتنا في اتفاق 10 آذار.

ما يفسد الأمور هو أن تركيا تطالب (قسد) بإلقاء أسلحتها والاستسلام والاندماج كأفراد ضمن الجيش السوري، وهذا غير مقبول، إذ يتوجب التعامل مع (قسد) بشكل مشابه للمجموعات الأخرى، إذ رأينا ميليشيات _ من بينها تلك المدعومة من تركيا _ تندمج ضمن الجيش السوري كمجموعة وليس كأفراد، ودون إرغامها على حل نفسها.

وعوضاً عن امتلاكهم اسماً، باتت تُعرف بالأرقام، لكنها ذات الميليشيات، دون انقسام ودون حل. وهنا السؤال، لماذا لا تُعامل (قسد) بشكل مشابه؟ ككل لكن كجزء من وزارة الدفاع؟

 

كارلوس حنا: في حال اندماج (قسد) ككتلة متكاملة ضمن الجيش السوري، هل ستحظى باسقفلالية من حيث المسؤوليات والمهام؟ مثل مهمة ضبط الأمن في إقليم شمال شرق سوريا؟

سنحريب برصوم: بالتأكيد، فهذه ستكون مهمتها الأساسية. لكن يمكن نشر قوات (قسد) في مناطق أخرى كجزء من الجيش السوري، إذا لزم الأمر.

 

كارلوس حنا: نشرت وزارة الدفاع الأمريكية تقريراً يفيد بأن الحكومة السورية لاتزال ضعيفة وأن عناصرها إرهابيون، كفصيل حراس الدين المنضوي ضمن الجيش. كما أشار التقرير إلى أن الوضع الراهن في سوريا يدفع الولايات المتحدة لتعزيز قدرات (قسد) في شمال شرق سوريا، وأن ذلك لايزال مهماً للأمن القومي الأمريكي. هل تعتقد أن التقرير الأخير يُعتبر تشجيعاً أمريكياً لمؤتمر وحدة المكونات؟

سنحريب برصوم: لم يطلق الأمريكيون أي تصريحات رسمية بخصوص المؤتمر، سواءً سلبية أو إيجابية، لكنهم _ وبكل تأكيد _ سيأخذون في الحسبان ما يجري على الأرض ضمن سياستهم. الموقف الأمريكي قبل السويداء، يختلف عما بعده. والموقف الأمريكي قبل انسحاب الحكومة السورية من المفاوضات مع (قسد) والإدارة الذاتية، يختلف عما بعده. لقد لاحظوا سياسات الحكومة وجوانبها السلبية، وما حدث في السويداء، أي المجازر الدموية التي ارتكبتها قوى الأمن العام.

تلك التطورات أدت لتغيير وجهة النظر إزاء الحكومة السورية، واتخذت الولايات المتحدة الآن موقفاً أكثر صرامةً تجاه الحكومة. نتوقع الآن زيادة في الضغط من قبل الولايات المتحدة والدول الأخرى على الحكومة، وإشراك جميع الشعوب في حكم ديمقراطي وشامل للبلاد.

 

كارلوس حنا: خلال المؤتمر في الحسكة، ألقى قادة الدروز والعلويين عدة كلمات، ما الرسائل التي وجهوها؟

سنحريب برصوم: المؤتمر عُقِد لمكونات شمال شرق سوريا، لكنهم _ وبصفتهم ممثلين عن شعوب سوريا ككل _ أرادوا تهنئتنا لدفاع المؤتمر عن الديمقراطية والتعددية، ليس للجزء الشمال الشرقي من البلاد، بل لكافة المناطق السورية. وطرح قادة الدروز والعلويين رؤيةً لما يجب أن تبدو عليه سوريا، والتي أرادوا مشاركتها معنا خلال المؤتمر.

في الواقع، نرى أن العديد من السوريين يدعمون نتائج المؤتمر، وقد أثار ذلك رد فعل عنيف من قبل الحكومة المدعومة من تركيا. كما نرى أن الحكومة وتركيا حاولة إثارة التوترات بين المجتمعات والشعوب، لكن محاولاتهما ستبوء بالفشل الذريع، لأنهما غير قادرتين على تجاهل الإرادة الديمقراطية للشعوب.

 

كارلوس حنا: ما الخطوات المقبلة لضمان عدم بقاء الأهداف المتبناة مجرد حبر على ورق؟

سنحريب برصوم: أولاً، ستشكل المطالب المحددة في البيان الختامي للمؤتمر، أساساً للمفاوضات مع الحكومة. ثانياً، هذا مؤتمر أولي يمكن أن يصبح نموذجاً لمؤتمر وطني.

أعطى المؤتمر أملاً للعديد من السوريين خارج مناطق شمال شرق سوريا. أمل وثقة بأن لهم أيضاً الحق في أن يكون صوتهم مسموعاً في سوريا. كانت هذه إحدى أهم نتائج المؤتمر، الذي لم يكن صوتاً معارضاً، ولم يكن موجهاً ضد طرفٍ أو حزب أو شعب، بل صوتاً يدعو كل المكونات السورية للتلاقي ضمن حوار من أجل المساواة والديمقراطية. وقد حظيت نتائج المؤتمر بدعم العديد من الشخصيات البارزة.

‫شاهد أيضًا‬

السويداء ترفع شعار “حق تقرير المصير” في تظاهرة غير مسبوقة بعد مجزرة دامية

السويداء – وسط أجواء من الغضب واليأس، احتشد المئات في ساحة الكرامة بمدينة السويداء جنوب سو…