الإحياء الرقمي للغة السريانية المهددة بالانقراض: ملاك السريانية
بقلم ليا مقسي سهدو – إذا تصفحت وسائل التواصل الاجتماعي، مثل إنستغرام أو تيك توك، وظهر لك محتوىً يشرح عبارات بـ “الطورويو“، فغالباً ما تكون قد صادفت محتوى ملاك مسعود، المعروفة على الإنترنت باسم @syriacmalaak.
بدأ الأمر ببساطة، عندما ردت على تعليق لأحد متابعيها، ليتحول هذا التفاعل البسيط إلى مشروع ضخم، يهدف إلى توثيق صلة الشباب السرياني (الكلداني-الآشوري-الآرامي) بلغتهم الأم وتراثهم الثقافي الأصيل.
View this post on Instagram
البحث عن الهوية في الشتات
لم تكبر ملاك وهي متصلة تماماً بجذورها السريانية (الكلدانية-الآشورية-الآرامية)، فقد وُلدت في مدينة زالين (القامشلي) _ معقل السريان في سوريا _ لكنها أتقنت العربية أكثر من لغتها الأم. عندما انتقلت إلى الولايات المتحدة في طفولتها، وجدت نفسها عالقة بين عدة هويات—عربية، سورية، سريانية— دون أن تشعر بالانتماء الكامل لأي منها. ساعدتها مشاركتها في كنيسة مريم العذراء وكنيسة مار متى في ماساتشوستس على الشعور ببعض الاستقرار، لكنها—مثل الكثيرين في الشتات —ظلت تعاني من الفراغ الثقافي الناتج عن الابتعاد عن الوطن.
“كنت أقول للأطفال إنني من سوريا، لكنني لم أكن أعرف ما يعنيه ذلك حقًا سوى جغرافياً“، تقول ملاك.
“تغير كل شيء عندما تحول رد بسيط على فيديو إلى تفاعل واسع“، تقول ملاك: “كل هذا بدأ بتعليق واحد”. “طلب مني أحدهم تعليم اللغة والثقافة، وضعت هاتفي على خزانتي وبدأت التسجيل“
أصبحت تلك اللحظة نقطة انطلاق لوجود رقمي متنامٍ يركز على تعليم الـ “طورويو“، اللغة الآرامية الحديثة المهددة بالانقراض، والتي يتحدث بها الشعب السرياني. ولم يكن السريان هم الجمهور الوحيد، بل إن أشخاصاً من خلفيات أخرى أبدوا اهتماماً كبيراً.
من خلال فيديوهاتها، تشرح ملاك الأساسيات: إلقاء التحية، التعابير، والأسماء—كلها عناصر ثقافية باللغة. لكن الأمر لا يتعلق فقط بالمفردات، بل باستعادة الهوية. تقول ملاك: “ثقافتنا جزء من هويتنا، إذا لم نحافظ عليها، فمن سيفعل؟”
الوحدة فوق التصنيفات
على الرغم من أن الـ “طورويو“ كانت واحدة من أولى لهجات ملاك السريانية، إلا أنها اضطرت إلى إعادة التواصل مع اللغة بنفسها من خلال البحث النشط. ساعدها ذلك، بالإضافة إلى زياراتها لعائلتها في السويد، ولقاءاتها مع السريان في الشتات، على فهم معنى أن تكون سريانية. بالنسبة لها، الأمر لا يتعلق بتصنيفات جامدة مثل “آشوري” أو “آرامي”—التي قد تسبب انقساماً—بل يتعلق بالوحدة والنضال المشترك.
تقول ملاك: “إذا كنت أعرف من أنا، فلا يهم ما أطلقه على نفسي.”
الآن، كصانعة محتوى ومعلمة، تعاونت ملاك مع منصات مثل Rinyo Toons لإنشاء محتوى يعلم التاريخ الثقافي والأسماء والقصص، التي نادرًا ما تظهر في الكتب المدرسية.
لا يمكن إنكار أن الحفاظ على الـ “طورويو“ أمر صعب. صدمات الأجيال، النزوح، الاندماج، وهيمنة اللغات، مثل العربية والتركية والإنجليزية، دفعت باللغة إلى الهامش. معظم الشباب في الشتات يكبرون وهم يسمعونها لكن لا يتحدثونها. وفي بلداننا الأصلية، يتم قمع التحدث بها.
تقول ملاك: “نعتبر الأمر مفروغًا منه، لأننا نعيش في الولايات المتحدة. لدينا الحرية، الكهرباء، والواي فاي—علينا استخدامها.”
حركة وليست مجرد لحظة
وهذا بالضبط ما تفعله، تُعلّم، تشارك، تبتكر، وتلهم.
تلقت عددًا لا يحصى من الرسائل من بعض الشباب السريان، الذين كانوا يشعرون بالخجل لعدم تحدثهم الـ “طورويو“—حتى وجدوا صفحتها. الآن، يحاولون، يسألون ويتواصلون مع كبار السن. يعرضون فيديوهاتها على آبائهم ويتعلمون معًا.
تشير ملاك: “أعدادنا بالأصل قليلة جداً، والخوف من إظهار أنفسنا يؤذينا أكثر.”
رسالتها واضحة: “إذا كنت تهتم بثقافتك، فكن حاضرًا من أجلها“
ملاك لا تنتظر ظروفًا مثالية أو إذنًا من أحد. إنها تستخدم ما لديها — صوتها، هاتفها، وقتها — وتنطلق في العمل. مثالها هذا تحدٍّ لنا جميعًا: أيًّا كانت مهارتك، استخدمها. وكما قالت هي بنفسها:
“إذا لم أنشر أنا، فمن سيفعل؟“
حلم ملاك ليس أن تصبح مشهورة، بل أن تطلق حركة. حركة يشعر فيها الشباب السرياني بالتمكين للتحدث بلغتهم، وتعلم تاريخهم، والاحتفاء بهويتهم—بدون خجل، خوف، أو انقسام. حركة نتحد فيها كشعب واحد.
تقول ملاك: “في النهاية، الأمر يعود إلينا. سيمضي الجيل الأكبر، وسيكون مسؤوليتنا كشباب أن نحمل هويتنا إلى الأمام.”
View this post on Instagram
مظاهرة في يونشوبينغ لمؤسسات السريانية الكلدانية الآشورية الآرامية السياسية حول مجازر السيفو
يونشوبين، السويد — بحسب المعلومات التي وردت لفضائية “سيرياك برس”، ستشارك المؤس…