‫‫‫‏‫3 ساعات مضت‬

السويداء ترفع شعار “حق تقرير المصير” في تظاهرة غير مسبوقة بعد مجزرة دامية

السويداء – وسط أجواء من الغضب واليأس، احتشد المئات في ساحة الكرامة بمدينة السويداء جنوب سوريا، رافعين شعاراً غير مسبوق في تاريخ الحراك الدرزي: “حق تقرير المصير”. التظاهرة، التي جاءت بعد أسابيع من أحداث دامية أسفرت عن مقتل أكثر من 1600 شخص، بدت وكأنها إعلان سياسي بقدر ما كانت صرخة إنسانية. 

المتظاهرون رفعوا الأعلام الدرزية، وبعض الأعلام الإسرائيلية، إلى جانب صور الشيخ حكمت الهجري، المرجع الروحي الأبرز لطائفة الموحدين الدروز في سوريا. الهتافات دوّت في الساحة: 

“السويداء حرة حرة… الجولاني يطلع برا”، في إشارة إلى زعيم “هيئة تحرير الشام” الذي يتهمه الأهالي بالضلوع في الاقتتال الأخير. 

اللافتات بدورها عبّرت عن خطاب جديد: “حق تقرير المصير، حق مقدّس للسويداء”، و”نطالب بفتح معبر إنساني”، و”أخرجوا الأمن العام من قرانا”. 

على منصة صغيرة ارتقت إليها ناشطة محلية، علت كلمات غير مسبوقة: 

“لا نريد إدارة ذاتية ولا حكماً فدرالياً… نريد استقلالاً تاماً.” 

الجملة أشعلت التصفيق، وبدت وكأنها تحوّل في خطاب الشارع الدرزي، الذي طالما تردّد بين المطالبة بالإصلاح السياسي أو اللامركزية، لكنه اليوم يذهب أبعد: إلى المطالبة بالانفصال. 

منيف رشيد، أحد المشاركين، قال لـ “فرانس برس”: 

“اليوم اتخذت السويداء موقفاً واضحاً… شعارنا هو تقرير المصير. لا أحد يلومنا بعد الهجمة التي تعرّضنا لها.” 

أما مصطفى صحناوي، وهو سوري يحمل الجنسية الأميركية، فأكد من قلب الساحة: 

“نحن تحت حصار كامل منذ أكثر من شهر. لا ماء، لا كهرباء، لا غذاء. نناشد المجتمع الدولي والرئيس الأميركي دونالد ترمب التدخل فوراً لفتح الممرات الإنسانية.” 

الاحتجاج جاء بعد أسبوع دموي بدأ في 13 تموز، حين اندلعت اشتباكات بين مسلحين دروز ومقاتلين من العشائر البدوية. سرعان ما تحوّلت المواجهات إلى اقتتال واسع، بعد دخول قوات حكومية ومجموعات عشائرية موالية للسلطة على الخط. 

وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أسفرت الأحداث عن مقتل أكثر من 1600 شخص، بينهم مئات المدنيين من الطائفة الدرزية، وتخللتها إعدامات ميدانية وانتهاكات واسعة. 

إسرائيل، من جهتها، دخلت على الخط عسكرياً: نفّذت ضربات قرب القصر الرئاسي ومقر هيئة الأركان في دارمسوق (دمشق)، معلنة أنها “لن تسمح باستهداف الأقلية الدرزية”. 

ورغم سريان وقف إطلاق النار منذ 20 تموز، بقيت السويداء تحت حصار مشدّد، بحسب السكان. المياه والكهرباء مقطوعة، والمواد الغذائية شحيحة، فيما الطريق الرئيسي الذي يربط المدينة بدمشق لا يزال مغلقاً بفعل حواجز تابعة لمجموعات موالية للحكومة. 

بعض المساعدات الإنسانية دخلت خلال الأيام الماضية عبر قوافل للهلال الأحمر، لكن ناشطين محليين وصفوها بأنها “غير كافية على الإطلاق”. 

وزارة العدل في دارمسوق (دمشق) أعلنت عن تشكيل لجنة تحقيق ستنجز تقريرها خلال ثلاثة أشهر. لكن المرجعيات الدينية الدرزية والناشطين رفضوا الخطوة، وطالبوا بتحقيق دولي مستقل، متهمين الحكومة بالتواطؤ في ما جرى. 

تظاهرة “حق تقرير المصير” في السويداء لا تبدو حدثاً عابراً. فهي تحمل مؤشرات إلى تحول سياسي عميق داخل الطائفة الدرزية، قد يغيّر خريطة الصراع السوري برمتها. 

السؤال الآن: هل هي بداية مسار نحو انفصال فعلي، أم ورقة ضغط جديدة في مواجهة دمشق؟ وفي الحالتين، فإن السويداء، المحافظة الجبلية الصغيرة، باتت اليوم على مرأى العالم كله.


‫شاهد أيضًا‬

الجبهة السيادية اللبنانية تخرج عن صمتها

بيروت – أعلنت الجبهة السيادية في لبنان رفضها لتصريحات الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، مع…