وليد فارس يحذر من سيطرة الجهاديين مع تعثر الانتقال السياسي في سوريا
واشنطن – بعد انهيار النظام البعثي الديكتاتوري لبشار الأسد، سارعت دول غربية _ من بينها الولايات المتحدة _ للاعتراف بالحكام الجدد في سوريا، على أمل أن يقود الانتقال السياسي إلى تحقيق الاستقرار وإرساء الديمقراطية. وتوقعت إدارة بايدن وأعضاء في الكونغرس نشوء دولة ليبرالية متعددة تمثل جميع السوريين، وتحمي التنوع، وتسعى إلى إحلال السلام في المنطقة.
ومع ذلك، وفقًا للدكتور وليد فارس، عضو المجلس الاستشاري للائتلاف الأمريكي للديمقراطية في الشرق الأوسط، فقد شهد الواقع استيلاء بقايا جبهة النصرة وتنظيم القاعدة على الدولة، معتبرًا أن هذه الجماعات لم تكن أقل قمعية من النظام السابق. وأشار فارس إلى أن صعود هذه التنظيمات تميز بارتكاب فظائع، شملت مجازر بحق العلويين في الساحل، وهجمات وحشية استهدفت الدروز في الجنوب. وأكد أن أبو محمد الجولاني، الشخصية البارزة المرتبطة بجبهة النصرة، لم يظهر مطلقًا في أعقاب تلك الهجمات، ولم يمتد نفوذه ليشمل المسيحيين في وادي النصارى، أو مجتمعات شمال وشرق سوريا.
انتقد الدكتور وليد فارس وسائل الإعلام الغربية، لتقديمها صورة مفادها أن الوضع في سوريا طبيعي، حيث صورت الحكام الحاليين كقادة يسعون لتوحيد البلاد، وإعادة بناء علاقاتها مع المجتمع الدولي، والسعي حتى للسلام مع إسرائيل.
وأشار فارس إلى أن هذه الرواية مضللة، مؤكّدًا أن الأزمة السورية لا تزال بلا حل جوهري. ورأى أن البلاد تمر بمرحلة انتقال سياسي هش، تتطلب أولاً توافقًا داخليًا. وأضاف أن أي اتفاق خارجي لن يحظى بالشرعية دون مصالحة داخلية. وأوضح أن السلام الداخلي يجب أن يسبق أي اتفاق سلام مع إسرائيل، مشددًا على ضرورة وضع دستور يرضى عنه جميع السوريين، وإجراء استفتاء وطني، إلى جانب انتخابات حرة وحقيقية.
لم تُنفّذ أي من الخطوات الضرورية لتحقيق المصالحة الداخلية أو الانتقال الديمقراطي في سوريا. وبدلاً من ذلك، أكد الدكتور وليد فارس أن العملية السياسية اختُطِفَت من قبل الرئيس أحمد الشرع، الذي يتصرف كما لو كان الحاكم الشرعي المنتخب، مستبعدًا مكونات سياسية واجتماعية أخرى.
وأشار فارس إلى أن العديد من المجتمعات السورية تشعر بالعزلة بسبب هذا النهج، بما في ذلك السنة المعتدلون، والدروز، والعلويون، والمسيحيون والأكراد، والحركات العلمانية. ووصف فارس المسار الحالي بأنه استيلاء جهادي على السلطة، ونظام انتقالي بلا انتخابات، أو إصلاح دستوري، أو شمولية حقيقية، بدلاً من أن يكون مساراً نحو الديمقراطية، وحذّر من أن هذا المسار يُعرّض مستقبل سوريا لخطر جسيم.
أصر الدكتور وليد فارس على أن سوريا _ لتشرع في تحول حقيقي _ يجب أن تتحقق فيها عدة شروط أساسية، منها إزالة الميليشيات الجهادية من المناطق التي تقطنها الأقليات، كما يجب أن تعترف الدولة رسميًا بالواقع متعدد الإثنيات والأديان في البلاد، وصياغة دستور جديد يعكس مبدأ التعددية.
وأكد فارس أنه بعد وضع هذه الأسس، يمكن إجراء استفتاء لتحديد النظام السياسي لسوريا، يتبعه انتخابات تشريعية ورئاسية تحت إشراف دولي، وشدد على أن هذه الإجراءات ضرورية لضمان وحدة البلاد وتجنب حالة التشرذم وعدم الاستقرار.
حدد الدكتور وليد فارس مرحلتين أساسيتين لمستقبل سوريا. وأوضح أن المرحلة الأولى تتطلب من المجتمعين الدولي والإقليمي مساعدة السكان العلويين والمسيحيين في إقامة منطقة حرة وآمنة على الساحل. مشيرًا إلى أن الدروز نجحوا بالفعل في تحقيق ترتيب مماثل من خلال تحالفات إقليمية، خاصة مع إسرائيل، مما جعل هذا الأمر واقعًا على الأرض.
أما المرحلة الثانية، فأكد فارس أن على الولايات المتحدة أن تلعب دورًا نشطًا في صياغة وضع جديد. وأضاف أنه يجب إفهام دارمسوق (دمشق) بأن هناك طاولة مفاوضات تشمل ليس فقط النظام، بل جميع المجتمعات السورية، حيث تُناقش مسألة السلطة، المركزية وغير المركزية، في إطار يضمن التعددية والشمولية.
يرى الدكتور وليد فارس، أن الطريق أمام سوريا لا يكمن في الصورة الخارجية للشرعية التي يروج لها الحكام الحاليون، بل في أساس داخلي يعترف بالتنوع ويضمن التمثيل المتساوي لجميع المكونات. وخلص فارس إلى أن السلام المستدام لا يمكن تحقيقه، إلا إذا أعادت سوريا بناء نفسها على مبادئ الشمولية، والتوافق الدستوري، وسيادة القانون.
قسد تتصدى لهجوم في ريف ديرو زعورو وتتهم دمشق بالتصعيد
ديرو زعورو (دير الزور), شمال وشرق سوريا – في أحدث فصول التوتر المستمر بين قوات سوريا الديم…