إبراهيم مراد: كل من يصرّ على رهن لبنان لمصالح خارجية، سيجد نفسه معزولاً
بيروت – في مشهد سياسي متشابك تزداد فيه الضغوط على الحكومة اللبنانية لتطبيق قرارها بحصر السلاح بيد الدولة، خرج رئيس حزب الاتحاد السرياني العالمي، إبراهيم مراد، بمواقف لافتة حملت رسائل حادّة إلى الداخل والخارج على حد سواء، مؤكداً أنّ مستقبل لبنان لا يمكن أن يُرتهن لمحاور خارجية، وأنّ الاستقرار لا يُصان إلا بسلطة الدولة والجيش.
مراد، وفي مقابلة إعلامية مع منصة “وَرَدَنا” تناولت السجال الأخير بين البطريرك السرياني الماروني مار بشارة بطرس الراعي والمفتي أحمد قبلان، اعتبر أنّ كلام الراعي يعكس “جوهر معاناة اللبنانيين” الذين يطالبون بدولة طبيعية تحترم شعبها وتؤمّن الأمن والازدهار. في المقابل، وصف ردّ المفتي قبلان بأنّه “مسيء ومهين”، قائلاً: “المفتي أمس لم يكن مفتياً، بل مفتناً، حين سخر من مرجعية وطنية هي التي بُني عليها لبنان وأُعطي لها مجده”
الجدل تفجّر بعدما اعتبر المفتي قبلان، أنّ سلاح مليشيا حزب الله الإيرانية في لبنان، “هو “سلاح الله” ولن يُنتزع”. ردّ مراد جاء مباشراً: “حين يقول إن سلاحه هو سلاح الله، فهو يسخر من الذات الإلهية والقيم الدينية. الله ليس أداة بيد أي فصيل، ولا يطلب من اللبنانيين أن يبقوا ورقة بيد إيران على حساب بلدهم وشبابهم”
وأضاف أنّ ميليشيا حزب الله لم تقدّم للبنان سوى الحروب والتهجير والانهيار، مشيراً إلى أنّ المشروع الإيراني القائم على تصدير الصراعات من العراق إلى اليمن، “لم ينتج في أي بلد حياة طبيعية أو دولة مزدهرة”
مراد شدّد على أنّ الجيش اللبناني، بالتعاون مع مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، يقوم بجهد متواصل منذ أشهر لتطبيق قرار تسليم السلاح، مؤكداً أنّ أي محاولة لتصوير الجيش كمنقسم أو عاجز عن أداء مهمته هي “محض وهم”
وفي حال واجه الجيش عراقيل كبرى، لم يستبعد مراد تدخّل المجتمع الدولي تحت الفصل السابع لمساندة الدولة اللبنانية في فرض سلطتها، قائلاً: “لبنان لن يُترك فريسة لميليشيا مسلّحة. إن لم يتمكّن الجيش وحده، فالمجتمع الدولي مستعد للدعم”
وينص الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، على اتخاذ إجراءات قسرية، في حال كان السلام مهدداً، تتراوح بين العقوبات الاقتصادية واللجوء إلى القوة. ويسمح الفصل السابع بممارسة الضغوط على بلد لإجباره على الالتزام بالأهداف التي حددها مجلس الأمن، قبل أن يتم تطبيق إجراءات قسرية.
مراد وجّه خطاباً مباشراً إلى جزء من الطائفة الشيعية التي لا تزال تدعم ميليشيا حزب الله، داعياً إياهم لمراجعة حساباتهم: “هذه الميليشيا لم تجرّكم سوى إلى القتل والدمار. نحن استقبلنا أبناء الجنوب في كل المناطق كإخوة، واليوم البعض يردّ بالتهجّم والاتهام. لكن الظروف تغيّرت: الدولة مصمّمة على فرض القانون، ولن يكون هناك بعد اليوم صيف وشتاء تحت سقف واحد”
وأشار إلى أنّ التهديدات بإعادة سيناريو “7 أيار” لم تعد واقعية، لأن الدولة اليوم مختلفة، ولأن الجيش أكثر تماسكاً مما كان في عام 2008.
خصوم مراد اتهموه بخدمة أجندات خارجية، وردّه كان حاسماً: “من يتبع للحرس الثوري الإيراني ويعلن ولاءه للولي الفقيه هو العميل، لا من يطالب بجيش ودولة وقانون. نحن ندافع عن سيادة لبنان، وهم يستجلبون الحروب ويخدمون مشروعاً إيرانياً على حساب وطنهم”
مراد ذكّر بأنّه كان من أوائل الأصوات التي واجهت سطوة ميليشيا حزب الله المدعومة من إيران والمصنفة على قوائم الإرهاب، منذ عام 2004، في عزّ قوته، مؤكداً أنّ خطابه لم يتبدّل: “كنت أقول هذا الكلام عندما كانوا يسيطرون على القضاء والمؤسسات، وسأظل أقوله اليوم وغداً. الفرق أنّهم باتوا أضعف”
في معرض رده على سؤال حول السلام مع إسرائيل، قال مراد إنّ خياره هو خيار السلام العادل والشامل في المنطقة، حيث قال: “كفانا حروباً ودماراً. كل الشعوب تستحق العيش بأمان وازدهار. نحن مع ثقافة الحياة، لا ثقافة الموت والانتحار”
وأضاف أنّ الحروب التي خاضتها إيران وأذرعها في المنطقة لم تحقق سوى الخراب والضحايا، بينما مسار السلام يمكن أن يفتح باباً لتقدم اقتصادي واجتماعي يستفيد منه اللبنانيون وجيرانهم.
مراد توقّف عند تصريحات الأمين العام لميليشيا حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، الذي شبّه المواجهة المقبلة بمعركة كربلاء. بتعليق لاذع: “كربلاء انتهت بالذبح والخسارة. إذا كان يريد أن يقود أبناء طائفته إلى الانتحار الجماعي فهذا شأنه، لكننا نقول له: الحياة أجمل، ولبنان يستحق أن يعيش، لا أن يموت”
في خلاصة مواقفه، بدا مراد مصمماً على أنّ لبنان مقبل على مرحلة جديدة لا مكان فيها لمنطق الميليشيات: “بعد أربعين سنة من حكم السلاح، انتهى الزمن الذي يُفرض فيه المشروع الإيراني على اللبنانيين. اليوم هناك دولة مصرة على فرض القانون، ومجتمع دولي داعم، وشعب يريد العيش بسلام”، وأضاف: “كل من يصرّ على رهن لبنان لمصالح خارجية، سيجد نفسه معزولاً. أما نحن، فمستمرون في الدفاع عن سيادتنا ومستقبل أولادنا”
باراك وأورتاغوس في إسرائيل لبحث الترتيبات الأمنية مع لبنان وسوريا
القدس – وصل المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا توم باراك، والمبعوثة الرئاسية الخاصة …