‫‫‫‏‫3 ساعات مضت‬

لوحة العشاء الأخير.. بين المقدسات والإعلانات

أربيل – لطالما ارتبطت الأيقونات الكنسية بقيمة روحية عميقة لدى الطوائف المسيحية، لاسيما في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، حيث تُعرف الأيقونات بأنهانوافذ على السماءووسيلة للتأمل والعبادة، ومن أبرز تلك الأيقونات لوحة العشاء الأخير، التي رسمها ليوناردو دافنشي في القرن الخامس عشر، بدير سانتا ماريا ديلي غراتسي، بأمر من دوق ميلانو، فرانشيسكو سفورزا الثاني (1495-1535)، مجسداً اللحظات الأخيرة للسيد المسيح مع تلاميذه قبل الصلب، وتحديدًا اللحظة التي تلت إعلان السيد المسيح أن أحد تلاميذه سيخونه (يهوذا الإسخريوطي) 

غير أن هذه اللوحة التي عُدت رمزاً دينياً وثقافياً، لم تسلم من سباق الشركات التجارية والإعلانية، ففي الآونة الأخيرة، أطلق مطعم UK Pizza & More في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، إعلاناً دعائياً اعتمد فيه على اللوحة الشهيرة، مستبدلاً مضمونها الديني بعبارة الشريحة الأخيرة من البيتزا 

ردود فعل غاضبة 

سرعان ما أثار الإعلان ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس من المسيحيين فحسب، بل حتى من قبل أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق والمنطقة والعالم، حيث اعتبره العديد من المتابعين استفزازاً صريحاً، وإهانة للمقدسات المسيحية. 

حكومة الإقليم _ وبحسب ما صرح به نبز عبد الحميد، قائممقام أربيل، لشبكة 964 _ استجابت لردود الفعل الغاضبة، وأغلقت المطعم يوم الأحد 24 آب 2025، الواقع في منطقة “نوسران”، وأضاف عبد الحميد أن إجراء الإغلاق جاء بعد “التأكد” من كتابة العبارة ضمن إعلان على فيسبوك، مشدداً على رفض أربيل لأي مواضيع تؤدي للفتنة وازدراء الأديان. 

لكن هذه المرة ليست الأولى التي تستخدم فيها اللوحة ذاتها لإعلان تجاري، حيث استخدمت الشركة الفلسطينية كسراوي تلك اللوحة، مستبدلةً شخصيات اللوحة (السيد المسيح وتلاميذه) بصور ماعز، كدلالة على عيد الأضحى، واستبدلت اسم اللوحة بعنوان “لوحة (التسالي) الأخيرة”، ما دفع عدداً من أصحاب المتاجر إلى رمي منتجات الشركة وإتلافها ومقاطعتها.



كما استُخدِمَت اللوحة في أولمبياد باريس، بظهور مشهد أداه مجموعة من ما يسمى بـ “مجتمع الميم” _ وهو مجتمع المثليين ومزدوجي الميل الجنسي _ ومن بينهم رجل يرتدي ملابس نسائية، ويضع مساحيق تجميل، ضمن محاكاة ساخرة للوحة. 

ويتساءل المراقبون، هل أصبحت المقدسات مادة مباحةً تُستغلُّ لمواكبة “تريند العصر”، دون وضع ضوابط لاستخدام الرموز الدينية في الحملات التسويقية، أو حتى خط فاصل بين الإبداع التجاري والاحترام الديني؟ وهل الضوابط الحالية ليست كافية أو “واضحة في مضمونها” لمنع إساءة استخدام المقدسات الدينية؟ أم أن الاستهتار الحكومي يشجع المسيئين للإمعان في إساءتهم؟

‫شاهد أيضًا‬

مظاهرة في يونشوبينغ تطالب السويد بالاعتراف بمجازر سيفو

يونشوبينغ, السويد –  في مشهد يختلط فيه البعد التاريخي بالسياسي، شهدت مدينة يونشوبينغ السوي…