إيشوع كورية ينتقد قادة الكنيسة في سوريا لعدم توحيد مطالبهم من أجل المسيحيين
إقليم الجزيرة، بيت نهرين ─ انتقد عضو الهيئة الرئاسية لمجلس بيث نهرين القومي (MUB) إيشوع كورية، قادة الكنيسة في سوريا بسبب عدم توحيد مواقفهم بما يخدم مصلحة المسيحيين في البلاد.
وفي مقابلة أجراها معه الإعلامي كارلوس حنا عبر تلفزيون “سورويو” ضمن برنامج “أوروعوثو“، شدّد كورية على أن الأوضاع الراهنة في سوريا تفرض على المسيحيين بلورة استجابة موحدة تنطلق من داخل صفوفهم وبأسرع وقت ممكن.
كما تناول كورية التحديات المعقدة والمتغيرة التي يواجهها المسيحيون في سوريا، لافتاً إلى أن هذه الأوضاع لا تنفصل عن التطورات الجارية في دول الجوار.
قادة الكنيسة والاستقلالية المسيحية
وحول سبب امتناع المسيحيين السوريين حتى الآن عن طرح مطلب الحكم الذاتي، على غرار ما طالب به العلويون والدروز مؤخرًا، أجاب إيشوع كورية بأن هذا الملف نوقِشَ مرارًا في الأوساط المسيحية منذ سقوط نظام بشار الأسد الديكتاتوري، الذي كان يستغل _ من حين لآخر وبكل خبث _ الاختلافات بين المكونات الدينية والعرقية لتأليبها ضد بعضها البعض.
وأشار كورية إلى أن تحقيق مثل هذا الهدف، يتطلب أولاً التوافق على استراتيجية موحدة، مضيفًا: “في أيار الماضي أسسنا المجلس الوطني المشرقي ليكون منصة جامعة لكل المسيحيين في سوريا. الهدف الأساسي هو توحيد المثقفين والسياسيين ورجال الدين وممثلين عن مختلف الطوائف وعلى كافة الصعد تحت سقف واحد، من أجل صياغة مطالب مشتركة ورسم استراتيجية موحدة“
أوضح إيشوع كورية أن التوافق المطلوب بين المسيحيين لم يتحقق بعد، مشيرًا إلى أن قادة الكنيسة يشكّلون العقبة الأساسية في هذا المسار. فحتى الآن، لم يُبدِ هؤلاء القادة أي استعداد لتوحيد جهودهم أو إعلان دعمهم لمطالب مشتركة واستراتيجية مسيحية موحّدة.
وقال كورية: “برأيي، لا يدرك قادة الكنيسة ماهية الرهان القائم، وما قد يترتب من مخاطر في حال سير كل منهم منفرداً. وبحسب منظور قادة الكنائس، فهم يعتقدون أن باستطاعتهم المُضيُّ قدماً كالسابق. كما يعتقدون أن الحفاظ على علاقات ودّية مع الأنظمة المختلفة، كما جرت العادة في الماضي، وبغض النظر عن خلفيات تلك الأنظمة أو نظام حكمها، فإن كل شيء سيسير على ما يرام بالنسبة للمسيحيين.
مع ذلك، أعرب كورية عن أمله في أن يستوعب قادة الكنائس _ عاجلًا أم آجلًا _ حجم الرهان القائم وما هو على المحك. حالياً، سيواصل المجلس الوطني المشرقي عمله في توحيد الصف المسيحي في سوريا وصياغة استراتيجية مسيحية موحدة.
باستثناء وادي النصارى (وادي المسيحيين) ذات الغالبية المسيحية، لا يتمركز المسيحيون في سوريا ضمن رقعة جغرافية محددة، وهذه السمة تعكس طبيعة سوريا المتعددة، حيث تتعايش شعوب وديانات مختلفة جنبًا إلى جنب.
فعلى سبيل المثال، تضم الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا أغلبية عربية إلى جانب حضور كردي بارز، إضافة إلى المسيحيين ومكوّنات أخرى. الساحل السوري أيضاً يتسم بتنوعه، إذ يعيش فيه السنّة والسريان والمسيحيون والعلويون معًا، وهو الحال نفسه في السويداء جنوب سوريا.
من هذا المنطلق، يرفض كورية التبعية لمنطقة محددة دون غيرها، “مطالبنا بالحكم الذاتي في نهاية المطاف لا تُختزل في منطقة بعينها، بل بأقاليم إدارية على أساس جغرافي، وليس على أساس طائفي، حيث تكون الحقوق القومية والاجتماعية مصانة دستورياً.
سوريا بين خيار الدولة المركزية والحكم الإداري اللامركزي
في معرض إجابته عن سؤال حول مستقبل الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، وشكل النظام السياسي المرتقب في البلاد، قال إيشوع كورية إن غالبية المؤشرات تشير إلى حل ضمن نطاق نظام لا مركزي. وتعاني سوريا من مشاكل إقليمية لا يمكن التعامل معها إلا من خلال أنماط من الحكم الإداري اللامركزي.
سياسة الولايات المتحدة في البداية كانت غير واضحة، فالمبعوث الأمريكي لسوريا، توماس باراك، ذات الأصول السريانية المارونية، أشار منذ البداية إلى أن النظام المركزي هو الخيار الوحيد _ “كل الطرق تؤدي إلى دارمسوق (دمشق)”. وقال كورية: “عقب أحداث العنف في السويداء، تراجع باراك عن موقفه الحاد. وبات يشير الآن إلى أن اللامركزية احتمال وارد”. الرئيس السوري أحمد الشرع، لمح مؤخراً إلى ضرورة بقاء سوريا موحدة، لكن ليس بالضرورة ضمن نظام سياسي مركزي.
برز دور إسرائيل كـ “حامية” للدروز في السويداء، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان غير نبرته مؤخراً ووجه تهديدات للإدارة الذاتية. وبحسب كورية، تركيا ترفض النظام الفيدرالي في سوريا لأنها تخشى رفع ذات المطالب في الداخل التركي. ويبدو أن القضية الكردية في تركيا مرتبطة مع الإدارة الذاتية لإقليم شمال شرق سوريا. مستقبل الإدارة الذاتية مرهون بآلية حل القضية الكردية في تركيا.
كخلاصة للحديث، تبدو الشبكة السورية معقدة للغاية، إن نظرت لها من منظور الإدارة الذاتية لإقليم شمال شرق سوريا، أو الساحل السوري أو السويداء. سوريا مقسمة حالياً لأربع أو خمس مناطق، ولكل منها مشاكلها الخاصة. “إذا أردنا التفكير في حل شامل لكل المناطق، فلا بد من إطار سياسي وطني يشارك فيه الجميع ويستند إلى دستور جامع. الحل يجب أن ينبثق من الأسفل إلى الأعلى، وإلا فإن القوى الإقليمية ستستغل المكونات والفصائل المختلفة داخل سوريا. على سبيل المثال، استُغلَّ البدو ضد العلويين، ولاحقًا ضد الدروز في السويداء“
وقال كورية، إنه “ومن أجل تفادي حدوث ذلك مستقبلاً، والقضاء على 14 عامًا من انعدام الثقة بين الشعوب، يتوجب عدم العودة لتطبيق نظام مركزي. وكأن شيئاً لم يكن. يتوجب على كافة شرائح المجتمع المشاركة وأن تكون جزءاً من العملية السياسية. مشاكل سوريا الداخلية لا تُحلُّ إلا محلياً ضمن حكومة حكم لا مركزي“
مرأة منظمة..شعب حر
أصدر مجلس اتحاد نساء بيث نهرين بياناً بحلول الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس قوات حماية نساء …