غزة تودّع مسيحييها
غزة، الأراضي المقدسة — عند الحديث عن غزة، غالبًا ما تتبادر إلى الأذهان صورة مدينة محاصرة، ترزح تحت ويلات حرب متواصلة بين فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس والجيش الإسرائيلي. حربٌ أحرقت معالم الحياة ومقوّماتها، ودفعت سكانها إلى أقصى حدود الاحتمال. لكن داخل هذه الصورة القاتمة، يبرز واقع آخر لا يقل مأساوية: تقلّص الحضور المسيحي في غزة إلى نحو ستمئة شخص فقط، بعد أن كان عددهم يقارب الألف قبل سنوات قليلة.
المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، يقول إن الكنيسة تبذل جهودًا متواصلة مع مسؤولين وهيئات دولية للمطالبة بوقف ما يصفه بـ “حرب الإبادة”، محذرًا من الظروف الكارثية التي يعيشها سكان القطاع، والتي أدّت إلى تراجع عدد المسيحيين إلى نحو النصف.
ويشير المطران إلى أن عشرات اللاجئين والنازحين يحتمون داخل كنيستين في غزة، مؤكدًا أن الكنيسة لن تتخلى عنهم مهما كانت الضغوط. “حتى لو صدرت أوامر بالإخلاء أو النزوح جنوبًا، فإن الخروج من هاتين الكنيستين في مثل هذه الظروف قد يعني الموت”، يقول حنا، مضيفًا أن القاطنين في الكنائس يعيشون حالة متواصلة من الخوف والهلع، لا يعرفون ما الذي قد تحمله الساعات أو الأيام المقبلة.
اقرأ أيضا: غزة, صمود بين ركام الدمار
شدد المطران كذلك على أن الكنيسة ليست على الحياد في هذه اللحظة التاريخية: “هذه قضية تخصنا جميعًا. معاناة الشعب الفلسطيني هي معاناتنا، ونزيفه هو نزيفنا. نتمنى أن تتوقف هذه الحرب وأن ينتهي هذا النزيف.”
تاريخيًا، كان الحضور المسيحي في غزة أكبر بكثير. قبل ستة عقود، بلغ عدد المسيحيين في المدينة ما يقارب سبعة أضعاف عددهم الحالي، وفق تقرير نشرته صحيفة الأقباط متحدون. لكن الهجرة القسرية والاضطرابات المتكررة قلّصت حجم هذا المجتمع تدريجيًا. بعض العائلات غادرت إلى الضفة الغربية، وأخرى اختارت الاستقرار في دول عربية أو أوروبية، فيما بقيت قلة صغيرة من الأرثوذكس والكاثوليك، تصارع من أجل البقاء في أرض أنهكتها الحروب.
اليوم، ومع استمرار الصراع، يبدو أن هذا المكوّن العريق يواجه مصيرًا مجهولًا، بين البقاء تحت الحصار والموت البطيء، أو الاضطرار إلى الرحيل عن موطنٍ كان حاضرًا فيه لقرون.
مرأة منظمة..شعب حر
أصدر مجلس اتحاد نساء بيث نهرين بياناً بحلول الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس قوات حماية نساء …