‫‫‫‏‫يومين مضت‬

وسط تسهيلات دولية وإقليمية: عودة جماعية للسوريين من لبنان وتركيا إلى ديارهم

بيروت / دارمسوق (دمشق) / أنقرة – تتسارع منذ مطلع العام الجاري، حركة عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار إلى وطنهم، في مشهد يراه مراقبون بداية مرحلة جديدة في الأزمة السورية، الممتدة منذ أكثر من 13 عاماً. ففي بيروت، أعلنت كيلي كليمنتس، نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنّ أكثر من 168 ألف لاجئ سوري عادوا من لبنان إلى سوريا منذ بداية عام 2025، في وقت كشف فيه وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عن عودة أكثر من 450 ألف لاجئ من تركيا خلال الفترة نفسها. 

خلال زيارتها الأخيرة إلى العاصمة اللبنانية بيروت، التقت كليمنتس كبار المسؤولين، بينهم المدير العام للأمن العام، العميد حسن شقير، نائب رئيس الوزراء، طارق متري، ووزيرة الشؤون الاجتماعية، حنين السيد. وفي تصريحاتها بعد الاجتماعات، أثنت على ما وصفته بـ التعاون الوثيق بين السلطات اللبنانية والمفوضية، مشيرة إلى الدور “المحوري” لبيروت في تسهيل العودة الآمنة للاجئين. 

وقالت كليمنتس إن “الأمم المتحدة ملتزمة بالعمل مع الحكومة اللبنانية، ومع الشركاء المحليين والدوليين، لضمان أن تكون العودة طوعية وكريمة”، مؤكدة أن هذا الملف سيبقى أولوية في الفترة المقبلة. وأشارت إلى أن المفوضية تعمل على مبادرات متابعة جديدة تهدف إلى استدامة الدعم الإنساني واللوجستي للعائدين، بما في ذلك تأمين الخدمات الأساسية في القرى والبلدات السورية التي تشهد عودة متزايدة. 

بالتوازي، شدّد وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، على أن أنقرة تسهّل عودة اللاجئين “بشكل طوعي ومنتظم”، مؤكداً أنه “منذ تحرير سوريا في كانون الأول 2024 وحتى اليوم، عاد أكثر من 450,169 سورياً إلى وطنهم”. وأضاف عبر منصة “إكس“: “تركيا كانت ولا تزال إلى جانب أشقائنا السوريين الذين هربوا من قمع نظام الأسد منذ 2011” 

ووفقاً لإحصاءات وزارة الداخلية التركية، فإن ما مجموعه 1,190,000 سوري عادوا من تركيا إلى بلادهم خلال السنوات الماضية، فيما لا يزال نحو 2.5 مليون مسجلين تحت بند “الحماية المؤقتة” داخل الأراضي التركية حتى آب 2025. 

غير أن سياسات أنقرة أثارت جدلاً واسعاً. فقد اتُّهِمَت مراراً بإعادة توطين عائلات سورية عربية في شمال سوريا على حساب السكان الأكراد الذين نزحوا بسبب العمليات العسكرية التركية المتكررة منذ 2016. هذه الاتهامات _ التي تنفيها الحكومة التركية _ تثير مخاوف من تغييرات ديموغرافية محتملة قد تعقّد جهود الاستقرار طويل الأمد. 

تأتي هذه التطورات بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024 وصعود سلطات انتقالية في دارمسوق (دمشق مدعومة من فصائل سابقة، أبرزها “هيئة تحرير الشام” المنحلة. الحكومة الجديدة سارعت إلى دعوة السوريين في الخارج للعودة، فيما أوقفت عدة دول أوروبية – بينها الدنمارك والنمسا – استقبال طلبات لجوء جديدة من سوريين، بحجة أن الظروف “أصبحت مواتية للعودة” 

ورغم ذلك، لا تزال أسئلة صعبة مطروحة حول مدى قدرة السلطات الجديدة على تأمين استقرار فعلي وخدمات أساسية للعائدين، خصوصاً في المناطق التي شهدت دماراً واسعاً ونزوحاً جماعياً. 

العودة الطوعية، سواء من لبنان أو تركيا، تعكس رغبة لدى قطاعات واسعة من السوريين بطي صفحة النزوح. لكن منظمات حقوقية حذّرت من أن ضمان “العودة الكريمة” يتطلب أكثر من إجراءات لوجستية: تحتاج العائلات إلى مساكن صالحة، مدارس لأطفالهم، فرص عمل، وضمانات أمنية تحول دون إعادة تكرار دوامة الاعتقالات والتهجير. 

ما بين أرقام الأمم المتحدة والتصريحات التركية، يبدو أن 2025 قد يشكّل نقطة تحوّل في ملف اللاجئين السوريين. لكن بينما تتسارع الوتيرة على الحدود، يظل السؤال الأساسي: هل يملك الداخل السوري – بعد سنوات الحرب والانقسام – القدرة على استيعاب هذا التدفق الكبير وضمان أن تكون العودة بداية جديدة، لا مجرد جولة أخرى من المعاناة؟ 

‫شاهد أيضًا‬

مرأة منظمة..شعب حر

أصدر مجلس اتحاد نساء بيث نهرين بياناً بحلول الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس قوات حماية نساء …