يارا معن كوسى.. ابنة الشهيد التي حوّلت الفقد إلى قصة نجاح

دارمسوق (دمشق) – في بلد أثقلته سنوات الحرب والدماء، تبرز بين الحين والآخر قصص فردية تحمل معاني تتجاوز أصحابها. “يارا معن كوسى”، ابنة الشهيد المهندس معن كوسى الذي قضى داخل كنيسة “مار إلياس” في حي دويلعة بدارمسوق (دمشق) إثر هجوم إرهابي في حزيران الماضي، نجحت هذا العام في امتحانات الثانوية العامة محققة 238 علامة من أصل 240، أي بفارق درجتين فقط عن المجموع الكامل.

في لحظة إعلان النتائج، امتزجت لدى يارا مشاعر متناقضة: فرحة الإنجاز من جهة، وغصة الغياب من جهة أخرى. فالوالد الذي اعتاد تشجيعها على الدراسة ومتابعة أحلامها لم يكن هناك ليبارك لها أو ليشارك دموع الفرح معها. الغياب بدا أثقل ما في المشهد، لكنه أيضاً ما جعل نجاحها أكثر رمزية.

وكأن يارا قد حوّلت الفقد إلى قوة، وأن تفوقها لم يكن مجرد إنجاز دراسي، بل رسالة بأن الإرهاب لم يكسر إرادة الحياة.

قصة يارا تتجاوز حدود نجاح فردي في امتحان. فهي تعكس صراعاً أوسع يعيشه جيل كامل نشأ في ظل حرب أنهكت البلاد. بالنسبة لها، كان التفوق وسيلة للانتصار على القتلة، وإهداء صامت لروح والدها.

ورغم أن البلاد ما زالت تواجه أزمات معيشية وأمنية متشابكة، فإن قصصاً كهذه تذكّر بأن الأمل لا يزال ممكناً. يارا، بمثابرتها ونجاحها، جسّدت معادلة نادرة في واقع سوري مثقل بالخسارات: أن يكون العلم سبيلاً لمقاومة الفقد، وأن يصبح الحلم الشخصي جزءاً من معركة جماعية ضد العدم.