12/05/2025

إسرائيل ترفع حالة التأهب العسكري لحماية الدروز السوريين وسط تصاعد التوترات الطائفية

القدس – رفعت القوات الإسرائيلية المنتشرة في مرتفعات الجولان حالة التأهب القصوى، في ظل تصاعد المواجهات الدامية داخل المجتمعات الدرزية في سوريا. وفي بيان مشترك هذا الأسبوع، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس أن قوات الدفاع الإسرائيلية (الجيش الإسرائيلي) نفّذت “عملية تحذيرية” ضد متطرفين كانوا يخططون لمهاجمة قرى درزية، وأرسلوا “رسالة إلى النظام السوري” مفادها أن “إسرائيل تتوقع منه اتخاذ إجراءات لمنع الإضرار بالدروز”. وحذر كاتس من أن إسرائيل “ستردّ بقوة كبيرة” إذا أخفقت السلطات الجديدة في سوريا في حماية هذه الأقلية.

تصاعد العنف في معقل الدروز جنوب دارمسوق (دمشق)

اندلعت اشتباكات عنيفة الأسبوع الماضي في الضواحي الجنوبية لمدينة دارمسوق (دمشق) ومحافظة السويداء المجاورة، المعروفة بأنها معقل الأقلية الدرزية في سوريا. وأدى تسجيل صوتي تحريضي نُسب زيفاً إلى رجل دين درزي بارز إلى اندلاع هجمات على أحياء درزية في جرمانا وصحنايا، أعقبتها عمليات انتقامية نفذتها وحدات دفاع ذاتي درزية. ووصف الزعيم الروحي للدروز، الشيخ حكمت الهجري، هذه الهجمات بأنها “حملة إبادة جماعية” تستهدف مجتمعه. وأفادت مصادر مراقبة أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل نحو 100 شخص، من بينهم مقاتلون دروز، ومسلحون متحالفون، ومدنيون، خلال أيام قليلة. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره المملكة المتحدة)، قُتل ما لا يقل عن 101 شخص في هذه الاشتباكات الطائفية، كما أُحرقت عشرات المنازل والمركبات.

وفي ظل تصاعد العنف، لجأ عدد من المدنيين الدروز الجرحى إلى إسرائيل طلباً للعلاج. وأعلنت القوات الإسرائيلية، يوم السبت، عن إجلاء خمسة مصابين دروز من سوريا لتلقي العلاج في مستشفيات إسرائيلية. وصرح أحد العاملين في مستشفى سرياني أرثوذكسي بأن المصابين “وصلوا بعيارات نارية وشظايا وكسور”، وكانوا “خائفين جداً من التوجه إلى دارمسوق (دمشق)”. ويتوقع وصول المزيد في الأيام المقبلة، إذ تؤكد مصادر إسرائيلية أن نحو 15 درزياً سورياً تلقوا العلاج داخل إسرائيل منذ بدء الاشتباكات.

من جانبها، تنصّلت الحكومة السورية الانتقالية من المسؤولية عن أحداث العنف، ورفضت أي تدخل خارجي. وكتب وزير الإعلام، حمزة المصطفى، على وسائل التواصل الاجتماعي أن “سوريا ستبقى وطناً للجميع”، داعياً إلى وحدة وطنية ورافضاً “التحريض الطائفي”. أما الرئيس الانتقالي أحمد الشرع – وهو قيادي سابق في المعارضة المسلحة تولى السلطة بعد سقوط بشار الأسد في ديسمبر الماضي – فقد تعهّد بحماية جميع الأقليات. إلا أن الكثير من الدروز لا يثقون بهذه الوعود، مستشهدين بمجازر سابقة طالت مجتمعات علوية في مارس الماضي، وراح ضحيتها نحو 1,700 شخص، كدليل على أن الحكومة الجديدة ذات التوجهات الإسلامية قد لا تضمن سلامة الأقليات. وفي الوقت الراهن، ترفض آلاف العناصر المسلحة من الدروز في جرمانا والسويداء تسليم سلاحها للسلطات، إذ صرح مسؤول محلي بأن “اللجنة أبلغت دارمسوق (دمشق): حين توجد دولة قادرة على ضبط قواتها، لا مانع لدينا من تسليم السلاح”، وأضاف: “من حقنا أن نخاف، لقد رأينا ما حدث في مناطق أخرى”.

تحركات إسرائيلية وتحذيرات علنية

في ظل تقارير عن مجازر تُرتكب بحق الدروز السوريين، انتقلت إسرائيل من موقف المتفرج إلى تحركات ميدانية مباشرة. وأعلنت القيادة العسكرية الإسرائيلية عن انتشار قوات على تخوم الجولان “لمنع دخول عناصر معادية إلى مناطق القرى الدرزية”. كما تم نشر دبابات ووحدات مشاة لحماية المعابر الحدودية ومراقبة المناطق المطلة على المناطق الدرزية في سوريا. وفي الوقت ذاته، نفّذ الجيش الإسرائيلي ضربتين على الأقل في جنوب سوريا. ففي الأربعاء، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية خلية متطرفة مسلحة قرب صحنايا كانت تستعد لمهاجمة تجمعات درزية. كما نُفّذت غارات جوية إسرائيلية ليلة الجمعة استهدفت مواقع قرب القصر الرئاسي السوري، وفقاً لمصدر في المعارضة، وذلك بعد ما وصفته دارمسوق (دمشق) بأنه “هجوم غير مسبوق” على قواتها.

وترافقت هذه التحركات مع تصريحات إسرائيلية غير معتادة من حيث وضوحها. ففي بيان مشترك، أكد نتنياهو وكاتس أن “الجيش نفّذ عملية تحذيرية وضرب مجموعة متطرفة” كانت تستهدف الدروز، مشيرين إلى أن إسرائيل وجهت رسالة واضحة للسلطات السورية لحماية المدنيين الدروز. بدورها، أكدت القوات المسلحة الإسرائيلية على الجاهزية التامة “لمنع أي عناصر معادية من التسلل إلى القرى الدرزية جنوب سوريا”. كما صرّح رئيس أركان الجيش، الجنرال إيال زمير، بأن “الجيش يجب أن يكون مستعداً لضرب أهداف تابعة للنظام السوري في حال استمرار الاعتداءات على الدروز”. وأكد الوزير كاتس، يوم الخميس، أن إسرائيل “ستردّ بقوة كبيرة” إذا استُؤنفت الهجمات على القرى الدرزية.

قوبلت هذه التحركات بترحيب كبير من أبناء الطائفة الدرزية داخل إسرائيل. ووجّه جنود احتياط دروز في الجيش الإسرائيلي رسائل إلى نتنياهو وكاتس طالبوا فيها بالتدخل، كما خرج الآلاف منهم في تظاهرات ليلة الخميس للمطالبة بتحرك حكومي. وقطع المحتجون الطرقات في بلدات درزية شمالية، وصولاً إلى بلدة قيسارية قرب منزل نتنياهو، رافعين شعار “أهلنا يواجهون الإبادة”. ودعا الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل، إلى التهدئة الداخلية، لكنه لم يُخفِ مشاعر القلق. وقال أحد رؤساء البلديات الدرزية لصحيفة إسرائيلية: “نحن ننام ونحن واقفون”. لقد تحوّلت قضية دروز سوريا إلى رمز وطني، ما رفع من سقف التوقعات الشعبية بأن تتحرك الحكومة الإسرائيلية بفاعلية وبلا تردد.

‫شاهد أيضًا‬

مطار القامشلي تحت سلطة إدارية جديدة من قبل المجلس التنفيذي لشمال وشرق سوريا

زالين (القامشلي)، شمال وشرق سوريا — في تحول إداري مهم، أصدر المجلس التنفيذي للإدارة الذاتي…